تراهن مع صديقٍ له على أن يستثير غضب الداهية الأمير؛ معاوية بن أبي سفيان، وهو المعروف بحلمه وعبقريته، لكن السفيه قد أعد لذلك من الطيش وسوء الأدب ما يفوق حدود الحلم، فقد اتّجه إلى الأمير بعد أن فرغ من الصلاة ووضع يده على لحمه وسط ذهول الجميع ثمّ قال له بكل وقاحة: "مرحى يا معاوية لقد ضاهيت أمّك هنداً في لحمها وشحمها! "
وحبس الحاضرون أنفاسهم انتظاراً لما سيفعل به الخليفة! لكنه فاجأهم بقوله وبصوتٍ هادئ: "رحمها الله رحمة واسعة .. لم تكن كذلك في أخريات أيامها! "
ثمّ انصرف، وباخ السفيه.
إنك في حال ما استوقفت الآخرين عند كل صغيرة وكبيرة، تضطرُّهم ليعاملوك بنفس تلك الطريقة، ولات حين مناص من الإدانة. وإذا ما أصبح التلاوم والعتاب صدر كل صالة، وفوق كل موقف، وجرس كل مجلس، تتصرمُ حبال الود، وتنسلّ لآلئ الحب من العقد، وليس يعود إلا الوبال حينها والندامة!
أنا لا أقترح عليك في هذا السياق انتظارَ مثل ذلك السفيه - الذي قاده سوء الطالع للعبث مع الخليفة - حتى تُجيبه بهذا الأسلوب الذكي، فأحيانا ما تصدر مثل