وَقَالَ إِذا كَانَ الرِّضَا وَالْغَضَب صفة أزلية فَمَا تَنْفَع الأذيال المقصرة والأقدام المورمة وَالْوُجُوه المصفرة
وَقيل يَا ابْن آدم أَي شَيْء يمنعك وَأي مَكَان يَعْصِمك إِذا كَانَت الأقدار تطلبك
وَمر على بعض الصَّالِحين بِيَهُودِيٍّ ميت قد أوصى أَن يدْفن بِبَيْت الْمُقَدّس فَقَالَ أيكابر هَؤُلَاءِ الأقدار أما علمُوا أَنهم لَو دفنُوا فِي الفردوس الْأَعْلَى لجاءت لظى بأنكالها حَتَّى تَأْخُذهُ إِلَيْهَا وتنطلق بِهِ مَعهَا
وَقَالَ آخر من حكم لَهُ بالسعادة لَا يشقى أبدا وَإِن ألح غاويه وَكثر معاديه وأحيط بِهِ من جَمِيع نواحيه وَمن حكم لَهُ بالشقاوة لَا يسْعد أبدا وَإِن عمر نَادِيه وأخصب واديه وَحسنت أواخره ومباديه كم من عَابِد ظَهرت عَلَيْهِ أنوار الْعِبَادَة وآثار الْإِرَادَة وبدت مِنْهُ مخايل السَّعَادَة وارتفع صيته وانتشر فِي الْآفَاق ذكره وَعظم فِي النَّاس شَأْنه وَقدره جمحت الأقدار بِهِ جمحة ردته على عَقِبَيْهِ وسلبته مَا كَانَ فِي يَدَيْهِ وَأخذت بناءه من قَوَاعِده فألقته عَلَيْهِ فنعوذ بِاللَّه من دَرك الشَّقَاء وَجهد الْبلَاء وشماتة الْأَعْدَاء برحمته
وَأعلم رَحِمك الله أَن لسوء الخاتمة أعاذنا الله مِنْهَا أسبابا وَلها طرق وأبواب أعظمها الإكباب على الدُّنْيَا والإعراض عَن الْأُخْرَى والإقدام بالمعصية على الله تَعَالَى
وَرُبمَا غلب على الْإِنْسَان ضرب من الْخَطِيئَة وَنَوع من الْمعْصِيَة وجانب من الْإِعْرَاض وَنصِيب من الافتراء فَملك قلبه وسبى عقله وأطفأ نوره وَأرْسل عَلَيْهِ حجبه فَلم تَنْفَع فِيهِ تذكرة وَلَا نجعت فِيهِ موعظة فَرُبمَا جَاءَهُ الْمَوْت على ذَلِك فَسمع النداء من مَكَان بعيد فَلم يتَبَيَّن المُرَاد وَلَا علم مَا أَرَادَ وان أعَاد عَلَيْهِ وَأعَاد
يرْوى أَن بعض رجال النَّاصِر بن علناس نزل بِهِ الْمَوْت فَجعل ابْنه يَقُول لَهُ قل لَا إِلَه إِلَّا الله فَقَالَ النَّاصِر يَا مولَايَ فَأَعَادَ عَلَيْهِ فَأَعَادَ هُوَ ثمَّ أَصَابَته