كَمَا روى أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ سمع قَارِئًا يقْرَأ {وَالطور وَكتاب مسطور} قَالَ هَذَا قسم حق فَلَمَّا بلغ القاريء إِلَى قَوْله عز وَجل {إِن عَذَاب رَبك لوَاقِع} ظن أَن الْعَذَاب قد وَقع بِهِ فَغشيَ عَلَيْهِ

وَسمع آخر قَارِئًا يقْرَأ {خذوه فغلوه} أَو آيَة نَحْوهَا فَغشيَ عَلَيْهِ

وَمر آخر على رجل يَبِيع الْخِيَار وَهُوَ يَقُول الْخِيَار عشرَة بدانق فَغشيَ عَلَيْهِ فَلَمَّا أَفَاق قيل لَهُ مِم غشي عَلَيْك فَقَالَ أوما سمعته يَقُول الْخِيَار الْعشْرَة بدانق وَإِذا كَانَت قيمَة الْخِيَار هَذِه فكم تكون قيمتي وَقِيمَة أمثالي

فَانْظُر إِلَى هَذَا لم يلق باله إِلَى أَنه الْخِيَار الْمَأْكُول لشدَّة خَوفه وَسُوء ظَنّه بِنَفسِهِ

وَالْأَخْبَار فِي هَذَا الْبَاب كَثِيرَة فلتسلك رَحِمك الله على منهاج هَؤُلَاءِ الْعُقَلَاء ولتمش على آثَار هَؤُلَاءِ الْفُضَلَاء ولتتزين بزينة هَؤُلَاءِ الْحُكَمَاء وأدم حسرتك وأطل زفرتك وامزج بِدَم الْفُؤَاد عبرتك وابك ثمَّ ابك وصل الْبكاء بالبكاء والأسى بالأسى حَتَّى تنكشف لَك هَذِه الغشاوة وتنجلي عَنْك هَذِه العماية كَمَا قَالَ الأول وَقد دعِي إِلَى الْخلَافَة وَكَانَ قد تعرض لَهُ متعرض دونهَا

رويدك حَتَّى تنظري عَم تنجلي ... عماية هَذَا الْعَارِض المتألق

وَبكى سُفْيَان الثَّوْريّ لَيْلَة إِلَى الصَّباح فَقيل لَهُ أبكاؤك هَذَا على الذُّنُوب فَأخذ تبنة من الأَرْض وَقَالَ الذُّنُوب أَهْون من هَذِه إِنَّمَا أبْكِي خوف الخاتمة

وَبكى سُفْيَان وَغير سُفْيَان لِأَنَّهُ الْأَمر الَّذِي يبكى عَلَيْهِ وَيصرف الاهتمام كُله إِلَيْهِ وَقَالَ الْقَائِل

وَالَّذِي أبكى الجفون دَمًا ... فغدت من ذَاك فِي غدر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015