وَجعل ينشد
إِن الطَّبِيب بطبه ودوائه ... لَا يَسْتَطِيع دفاع مَقْدُور القضا
مَا للطبيب يَمُوت بالداء الَّذِي ... قد كَانَ يبرىء مثله فِيمَا مضى
ذهب المداوي والمداوي وَالَّذِي ... جلب الدَّوَاء وَبَاعه وَمن اشْترى
وَاشْتَدَّ ضعفه عِنْدَمَا سمع كَلَام الطَّبِيب وأرجف النَّاس بِمَوْتِهِ فَلَمَّا بلغه ذَلِك دَعَا بِحِمَار ليركبه فَلَمَّا صَار عَلَيْهِ سقط وَلم يقدر أَن يثبت على السرج فَقَالَ صدق المرجفون ثمَّ دَعَا بأكفان فنشرت بَين يَدَيْهِ فَجعل يخْتَار مِنْهَا مَا يصلح
ثمَّ أَمر بقبره فحفر فَلَمَّا اطلع عَلَيْهِ جعل يَقُول مَا أغْنى عني ماليه هلك عني سلطانيه
وَمثل هَذَا القَوْل مَرْوِيّ عَن أبي شُجَاع فناخسرو بن عضد الدولة يرْوى أَنه لما نزل بِهِ الْمَوْت لم يسمع مِنْهُ إِلَّا قَوْله مَا أغْنى عني ماليه هلك عني سلطانيه ويروى أَنه قَالَ قبل ذَلِك شعرًا يمدح بِهِ نَفسه مِنْهُ قَوْله
لَيْسَ شرب الراح إِلَّا فِي الْمَطَر ... وغناء من جوَار فِي السحر
غالبات سالبات للنهى ... ناعمات فِي تضاعيف الْوتر
مبرزات الكأس من مطْلعهَا ... ساقيات الراح من فاق الْبشر
عضد الدولة وَابْن ركنها ... ملك الْأَمْلَاك غلاب الْقدر
قَالَ أَبُو مَنْصُور الثعالبي لم يفلح بعد هَذَا الْبَيْت يَعْنِي قَوْله عضد الدولة الخ
وَلما حضرت أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمَأْمُون الْوَفَاة أَمر بجل دَابَّته ففرش لَهُ فاصطجع عَلَيْهِ وَوضع الرماد على رَأسه وَجعل يَقُول يَا من لَا يَزُول ملكه ارْحَمْ الْيَوْم من قد زَالَ ملكه
ويروى أَنه قيل لَهُ فِي صباه إِنَّك تَمُوت فِي أَرض يُقَال لَهَا مد رجلك فَلَمَّا ولي الْخلَافَة وَأقَام مَا أَقَامَ غزا بِلَاد الرّوم فَلَمَّا انْصَرف من غزاته نزل بِموضع فِيهِ عين مَاء عَظِيمَة لَهَا قَعْر عميق فَاطلع فِيهَا فَرَأى فِي قعرها حوتا