الجبل مرة أخرى حاملاً معه حقيبته، ثم أخذ يطرق الباب، وإذا بنفس المرأة العجوز تفتح له وتقول له من جديد: لقد تأخرت، والحكيم لا يمكث في مكان واحد أكثر من شهر، ولقد ظل هنا لفترة طويلة وأنت تأخرت.. فقال لها: ولكني أرسلت إليكم رسالة أخبرتكم فيها بموعد وصولي؟! فقالت له: لكنك تأخرت، وهو لا ينتظر، فلابد وأن تعود بعد شهر آخر.. فقال لها الشاب: إن هذا جنون.. لا يمكن أن يكون هذا الرجل حكيماً؛ فهو لا يصدق في الوعد، ولا يحترم الوقت، بل إنه حتى لا يحترم الناس ولا وقتهم، وهو دائماً يذهب ويعود كما يشاء، وأنا أرسل له برسالة، فماذا أفعل، وما هو المتوقع أن أفعله؟!! قال ذلك وهو ينظر إلى المرأة ويتساءل ماذا يفعل الآن.. فقالت له بمنتهى الهدوء: قد تغضب، وقد تحزن، بل وقد تنفعل، ولكن هذا لا يغير أي شيء، ارجع وفكر وتعالَ في الوقت المناسب.. ثم أغلقت بابها وانصرفت.
فعاد الشاب في هذه المرة وهو غضبان جدًّا، ولم يكن يمتلك أي أموال، وكان قد قرر في نفسه أن لا يعود مرة أخرى؛ لأنه لو عاد مرة أخرى فسوف يتكرر معه هذا الموقف مرة أخرى، واستمر أسبوعاً على هذه الحال.. متألم نفسيًّا، ولا يكلم أحداً، ولا يسمح لأي شخص