جعيل بن عَمْرو بْن دهمان بْن نصر. ويكنى المغيرة بْن شُعْبَة أَبَا عَبْد الله. وكان يُقَالُ له مُغِيرَةَ الرأي. وكان داهية لا يشتجر فِي صدره أمران إلّا وجد فِي أحدهما مخرجًا.

قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بن عيسى الثقفي وعبد الله بن عبد الرحمن ابن يَعْلَى بْنِ كَعْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِيهِ وَغَيْرُهُمْ قَالُوا: قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: كُنَّا قَوْمًا مِنَ الْعَرَبِ مُتَمَسِّكِينَ بِدِينِنَا وَنَحْنُ سَدَنَةُ اللاتِ. فَأَرَانِي لَوْ رَأَيْتُ قَوْمَنَا قَدْ أَسْلَمُوا مَا تَبِعْتُهُمْ. فَأَجْمَعَ نَفَرٌ مِنْ بَنِي مَالِكٍ الْوُفُودَ عَلَى الْمُقَوْقِسِ وَأَهْدَوْا لَهُ هَدَايَا. فَأَجْمَعْتُ الْخُرُوجَ مَعَهُمْ فَاسْتَشَرْتُ عَمِّي عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ فَنَهَانِي وَقَالَ: لَيْسَ مَعَكَ مِنْ بَنِي أَبِيكَ أَحَدٌ. فَأَبَيْتُ إِلا الْخُرُوجَ. فَخَرَجْتُ مَعَهُمْ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مِنَ الأَحْلافِ غَيْرِي حَتَّى دَخَلْنَا الإِسْكَنْدَرِيَّةَ فَإِذَا الْمُقَوْقِسُ فِي مَجْلِسٍ مُطِلٍّ عَلَى الْبَحْرِ.

فَرَكِبْتُ زَوْرَقًا حَتَّى حَاذَيْتُ مَجْلِسَهُ فَنَظَرَ إِلَيَّ فَأَنْكَرَنِي وَأَمَرَ مَنْ يَسْأَلُنِي مَنْ أَنَا وَمَا أُرِيدُ.

فَسَأَلَنِي الْمَأْمُورُ فَأَخْبَرْتُهُ بِأَمْرِنَا وَقُدُومِنَا عَلَيْهِ. فَأَمَرَ بِنَا أَنْ نَنْزِلَ فِي الْكَنِيسَةِ وَأَجْرَى عَلَيْنَا ضِيَافَةً ثُمَّ دَعَا بِنَا فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ. فَنَظَرَ إِلَى رَأْسِ بَنِي مَالِكٍ فَأَدْنَاهُ إِلَيْهِ وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ. ثُمَّ سَأَلَهُ: أَكَلُّ الْقَوْمِ مِنْ بَنِي مَالِكٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ إِلا رَجُلٌ وَاحِدٌ مِنَ الأَحْلافِ. فَعَرَّفَهُ إِيَّايَ فَكُنْتُ أَهْوَنَ الْقَوْمِ عَلَيْهِ. وَوَضَعُوا هَدَايَاهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَسُرَّ بِهَا وَأَمَرَ بِقَبْضِهَا وَأَمَرَ لَهُمْ بِجَوَائِزَ وَفَضَّلَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ. وَقَصَّرَ بِي فَأَعْطَانِي شَيْئًا قَلِيلا لا ذِكْرَ لَهُ. وَخَرَجْنَا فَأَقْبَلَتْ بَنُو مَالِكٍ يَشْتَرُونَ هَدَايَا لأَهْلِيهِمْ وَهُمْ مسرورون ولم يعرض على رجل منهم مؤاساة. وَخَرَجُوا وَحَمَلُوا مَعَهُمُ الْخَمْرَ فَكَانُوا يَشْرَبُونَ وَأَشْرَبُ مَعَهُمْ وَتَأْبَى نَفْسِي تَدَعُنِي. يَنْصَرِفُونَ إِلَى الطَّائِفِ بِمَا أَصَابُوا وَمَا حَبَاهُمُ الْمَلِكُ وَيُخْبِرُونَ قَوْمِي بِتَقْصِيرِهِ بِي وَازْدِرَائِهِ إِيَّايَ. فَأَجْمَعْتُ عَلَى قَتَلِهِمْ. فلما كنا ببساق تَمَارُضْتُ وَعَصَبْتُ رَأْسِي فَقَالُوا لِي: مَا لَكَ؟ قُلْتُ: أُصْدَعُ. فَوَضَعُوا شَرَابَهُمْ وَدَعُونِي فَقُلْتُ: رَأْسِي يُصْدَعُ وَلَكِنِّي أَجْلِسُ فَأَسْقِيكُمْ. فَلَمْ يُنْكِرُوا شَيْئًا فَجَلَسْتُ أَسْقِيهِمْ وَأَشْرَبُ الْقَدَحَ بَعْدَ الْقَدَحِ. فَلَمَّا دَبَّتِ الْكَأْسُ فِيهِمُ اشْتَهَوُا الشَّرَابَ فَجَعَلْتُ أَصْرِفُ لَهُمْ وَأَنْزِعُ الْكَأْسَ فَيَشْرَبُونَ وَلا يَدْرُونَ. فَأَهْمَدَتْهُمُ الْكَأْسُ حَتَّى نَامُوا مَا يَعْقِلُونَ. فَوَثَبْتُ إِلَيْهِمْ فَقَتَلْتُهُمْ جَمِيعًا وَأَخَذْتُ جَمِيعَ مَا كَانَ مَعَهُمْ فَقَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَجِدُهُ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ أَصْحَابِهِ.

وَعَلَيَّ ثِيَابُ سَفَرِي. فَسَلَّمْتُ بِسَلامِ الإِسْلامِ فَنَظَرَ إِلَيَّ أبي بَكْرِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ. وَكَانَ بِي عَارِفًا. فَقَالَ: ابْنُ أَخِي عُرْوَةُ. قَالَ قُلْتُ: نَعَمْ. جِئْتُ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015