وَحَثِّي الْجُنُودَ لِكَيْ يُدْلِجُوا ... إِذَا هَجَعَ الْقَوْمُ لم أهجع
فأصبح نهبي ونهب العبي ... د بين عيينة والأقرع
إلا أفائل أعطيتها ... عديد قوائمه الأربع
وما كان بدر ولا حابس ... يفوقان مرداس في المجمع
وَقَدْ كُنْتُ فِي الْحَرْبِ ذَا تُدْرَأٍ ... فَلَمْ أُعْطَ شَيْئًا وَلَمْ أُمْنَعِ
وَمَا كُنْتُ دُونَ امْرِئٍ مِنْهُمَا ... وَمَنْ تَضَعِ الْيَوْمَ لا يُرْفَعِ
قَالَ: فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ أَبْيَاتَهُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْعَبَّاسِ: أَرَأَيْتَ قَوْلَكَ:
أَصْبَحَ نهبي ونهب العبي ... د بَيْنَ الأَقْرَعِ وَعُيَيْنَةَ
] فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ هَكَذَا قَالَ. فَقَالَ: كَيْفَ؟ قَالَ فَأَنْشَدَهُ أَبُو بَكْرٍ كَمَا قال عباس. [فقال النبي. ص: سَوَاءً مَا يَضُرُّكَ بَدَأْتَ بِالأَقْرَعِ أَوْ بِعُيَيْنَةَ] . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِأَبِي أَنْتَ. مَا أَنْتَ بِشَاعِرٍ وَلا رَاوِيَةٍ وَلا يَنْبَغِي لَكَ. [فَقَالَ رسول الله. ص: اقْطَعُوا عَنِّي لِسَانَهُ] . فَفَزِعَ مِنْهَا أُنَاسٌ وَقَالُوا: أُمِرَ بِعَبَّاسٍ يُمَثَّلُ بِهِ. فَأَعْطَاهُ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ. وَيُقَالُ خَمْسِينَ مِنَ الإِبِلِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ أن العباس بْنَ مِرْدَاسٍ قَالَ أَيَّامَ خَيْبَرَ لَمَّا أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا سُفْيَانَ وَعُيَيْنَةَ وَالأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مَا أَعْطَى:
أتجعل نهبي ونهب العبي ... د بَيْنَ عُيَيْنَةَ وَالأَقْرَعِ
وَقَدْ كُنْتُ فِي الْقَوْمِ ذَا ثَرْوَةٍ ... فَلَمْ أُعْطَ شَيْئًا وَلَمْ أُمْنَعِ
[فقال رسول الله. ص: لأَقْطَعَنَّ لِسَانَكَ. وَقَالَ لِبِلالٍ: إِذَا أَمَرْتُكَ أَنْ تَقْطَعَ لِسَانَهُ فَأَعْطِهِ حُلَّةً. ثُمَّ قَالَ: يَا بِلالُ اذْهَبْ بِهِ فَاقَطَعْ لِسَانَهُ.] فَأَخَذَ بِلالٌ بِيَدِهِ لِيُذْهِبَ بِهِ فَقَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَقْطَعُ لِسَانِي؟ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ أَيَقْطَعُ لِسَانِي؟ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ أَيَقْطَعُ لِسَانِي؟ وَبِلالٌ يَجُرُّهُ. فَلَمَّا أَكْثَرَ قَالَ: إِنَّمَا أَمَرَنِي أَنْ أَكْسُوَكَ حُلَّةً أَقْطَعُ بِهَا لِسَانَكَ.
فَذَهَبَ بِهِ فَأَعْطَاهُ حُلَّةً.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَلَمْ يَسْكُنِ الْعَبَّاسُ بن مرداس مكة ولا بالمدينة. وَكَانَ يَغْزُو مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَرْجِعُ إِلَى بِلادِ قَوْمِهِ وَكَانَ يَنْزِلُ بِوَادِي الْبَصْرَةِ وَكَانَ يَأْتِي الْبَصْرَةَ