وقال من خالفه: لا يجب عليه شيء. فأخذ بالقياس وترك الخبر.
*مسألة، ولو أن رجلاً حلف، وقال: إن فعلت كذا فأنا بريء من الإسلام. ففعل ذلك.
قال أبو حنيفة: يجب عليه كفارة يمين.
وكان القياس أن لا يجب عليه شيء، فترك القياس، وأخذ بالخبر المروي عن عائشة، وابن عمر، رضي الله عنهما، أنهما أوجبا فيه كفارة يمين.
وقال من خالفه: لا شيء عليه إلا التوبة. فأخذ القياس.
*مسألة، ولو أن رجلاً اشترى شيئاً بألف درهم، وقبضة، ولم ينقد الثمن، ثم باعه من البائع بخمسمائة درهم.
قال أبو حنيفة: بيع الثاني لا يجوز. وكان ينبغي في القياس أن يجوز. فترك القياس، وأخذ في ذلك بخبر روي عن عائشة، رضي الله عنها، أنها قالت للمرأة التي سألتها عن هذا البيع: أبلغي زيد بن أرقم أن الله تعالى أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يتب.
وقال من خالفه: يجوز بيعه. فأخذ بالقياس وترك الخبر.
*مسألة، ولو أن رجلاً باع من ذمي خمراً.
قال أبو حنيفة: جاز بيعه.
وكان ينبغي في القياس أن لا يجوز، فترك أبو حنيفة القياس، وأخذ بالخبر الذي روي عن عمر أنه قال: ولوهم بيعها، وخذوا العُشر من أثمانها.
وقال من خالفه: لا يجوز بيعه. وأخذ بالقياس وترك الخبر.
*مسألة، ولو أن رجلاً اغتسل من الجنابة، ولم يتمضمض ولم يستنشق، وصلى على ذلك.
قال أبو حنيفة: لا يجوز ما لم يتمضمض ويستنشق.
فرآهما فرضين في الجنابة، وكان القياس أن لا يكونا فرضين، فترك القياس، وأخذ بخبر الواحد، وهو ما روي عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما، أنه قال: من ترك المضمضة، والاستنشاق، في الجنابة، وصلى، تمضمض، واستنشق، وأعاد ما صلى.
وقال من خالفه: المضمضة والاستنشاق غير مفروضين في غسل الجنابة. فأخذ بالقياس، وترك الخبر.
ويقع الخلاف من هذا الجنس بين أبي حنيفة ومالك؛ لأن عند أبي حنيفة الخبر المروي عن طريق الآحاد مُقدم على القياس، وعند مالك، القياس مُقدم على الخبر المروي من طريق الآحاد.
*مسألة، ولو أن صائماً أكل، أو شرب، أو جامع، ناسياً.
قال أبو حنيفة: لا يبطل صومه.
وكان القياس أن يبطل، فترك القياس، وأخذ بخبر رواه أبو هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: " الصائم إذا أكل أو شرب ناسياً فليتم صومه، فإن الله تعالى أطعمه وسقاه ".
وقال من خالفه: يبطل صومه. فأخذ بالقياس، وترك الخبر.
*مسألة، ولو أم رجلاً تزوج أمةً على حرةٍ.
قال أبو حنيفة: لا يجوز.
وكان القياس أن يجوز؛ إلا أنه ترك القياس، وأخذ في ذلك بخبر، روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال " لا تنكح الأمة على حرة ".
وقال من خالف: يجوز نكاحها. فأخذ بالقياس، وترك الخبر.
*مسألة، إذا تزوج العبد بإذن مولاه.
قال أبو حنيفة لا يجوز أن يتزوج أكثر من امرأتين.
وكان القياس أن يجوز له أن يتزوج بأربع نسوة كالحر، إلا أن أبا حنيفة ترك القياس، وأخذ بالخبر، وهو ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " لا يتزوج العبد أكثر من اثنتين ".
وقال من خالفه بالقياس، وترك الخبر.
*مسألة رجل وهب آخر هبة، ولم يقبضها الموهوب له.
قال أبو حنيفة: لا تصح الهبة.
وكان القياس أن تصح، إلا أنه ترك القياس، وأخذ بالخبر الوارد في ذلك، وهو ما روي عن أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، أنه قال لعائشة: كنت نحلتك جداد عشرين وسقا بالعالية، ولم تكوني حزتيه، ولا قبضتيه، وإنما هو مال الوارث. جعل القبض شرطاً.
ومخالفة أخذ بالقياس، وترك الخبر.
*مسألة، إذا تزوج الرجل امرأة وهو غير كفءٍ لها.
قال أبو حنيفة: للأولياء حق الاعتراض.
وكان القياس أن لا يكون لهم ذلك، فترك أبو حنيفة القياس، وأخذ بالخبر، وهو ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال؛ " لا تزوج النساء إلا من كفءٍ ".
ومخالفة أخذ بالقياس، وترك الخبر.
*مسألة عند بين اثنين، أعتقه أحدهما وهو معسر.
قال أبو حنيفة: على العبد أن يسعى في نصف قيمته.
وكان القياس أن لا سعاية عليه؛ لأنه لم تكن منه جناية، فترك أبو حنيفة القياس، وأخذ بالخبر، وهو ما روى أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال في عبدٍ من اثنين أعتقد أحدهما: " إن كان موسراً ضمن نصف قيمته، وإن كان مُعسراً سعى العبد في نصف قيمته غير مشقوق عليه ".