من أصحاب محمد وزفر، له مسائل؛ منها مسألة الصَّدقة على السائل في المسجد، قال: لا أقبل شهادةَ من تصدق عليه.
قلت: وعندي شُبهة في كون الترجمتين لشخص واحد، وإن ظفرت بما يزيلها ألحقته.
قال سلمة: لو جُمِعَ علم خلفٍ لكان في زاوية من علم على الرازي، إلا أن خلف بن أيوب أظهر علمه بصلاحه.
يُروى أن خلفاً فرق بين مسألتين، فلم يقنع السائل به فقال: الفرقُ بحبة لا بالجُوالق.
وقيل لخلف بن أيوب: إنك مولع بالحسن بن زياد، وإنه يُخفف الصلاة. قال: لأنه حذقها - يعني أتم ركوعها وسجودها - وفي الخبر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخفهم صلاة في تمام.
وتفقه خلف على أبي يوسف ايضاً، وأخذ الزهد عن إبراهيم بن أدهم، وصحبه مدة وروى عن أسد بن عمرو البجلي، وسمع الحديث من إسرائيل بن يونس، وجرير بن عبد الحميد.
وروى عنه أحمد، ويحيى، وايوب بن الحسن الفقيه الزاهد الحنفي.
قال الحاكم: قدم نيسابور في سنة ثلاث ومائتين، فكتب عنه مشايخنا.
وذكره ابن حبان في " الثقات "، وذكره المزي في " الكمال "، وقال: روى له أبو عيسى الترمذي حديثاً عن أبي كُريب محمد بن العلاء، ولا أدري كيف هو.
قال في " الجواهر ": ومتن الحديث: " خصلتان لا تجتمعان في مُنافق؛ حسن سمتٍ، وفقه في الدين ".
قال في " القُنية ": ورد خلفُ بن أيوب شاهداً لاشتغاله بالنسخ حالة الأذان.
وذكر خلف بن أيوب هذا الحافظ الذهبي، في " تاريخ الإسلام "، وعظمه، وأثنى عليه.
ونقل عن الحاكم، في " تاريخه "، أنه قال: سمعتُ محمد بن عبد العزيز المُذكر، سمعت محمد بن علي البيكندي الزاهد، يقول: سمعت مشايخنا يذكرون أن السبب لثبات مُلك آل سامان، أن أسد بن نوح جد الأمير إسماعيل، خرج إلى المعتصم، وكان شُجاعاً عالماً، فتعجبوا من حُسنه ومن عقله، فقال له المعتصم: هل في أهل بيتك أشجع منك؟ قال: لا. قال: فهل في أهل بيتك أعقل وأعلم منك؟ قال: لا. فما أعجب الخليفة ذلك.
ثم بعد ذلك سأله كذلك، فأعاد قوله، وقال: هلا قلت لي: ولم ذلك؟ قال: ويحك ولم ذلك؟ قال: لأنه ليس في أهل بيتي من وطئ بساط أمير المؤمنين وشاهد طلعته غيري. فاستحسن ذلك منه، وولاهُ بلخ، فكان يتولى الخُطبة بنفسه.
ثم سأل عن علماء بلخ. فذكروا له خلف بن أيوب، ووصفوا له علمه وزهده، فتحين مجيه للجمعة، وركب إلى ناحيته، فلما ترجل وقصده، فقعد خلفٌ وغطى وجهه، فقال: السلام عليكم. فأجاب ولم يرفع رأسه، فرفع الأمير أسد رأسه إلى السماء، وقال: اللهم إن كان هذا العبد الصالح يُبغضنا فيك فنحن نُحبه فيك.
ثم ركب ومر فأخبر بعد ذلك أن خلف بن أيوب مرض فعاده، فقال: هل لك من حاجة؟ قال: نعم حاجتي أن لا تعود إلى، وإن مت فلا تصل علي وعليك السواد.
فلما توفي شهد أسد جنازته راجلاً، ثم نزع السواد وصلى عليه، فسمع صوتاً بالليل: بِتواضعك وإجلالك لخلف ثبتت الدولة في عقبك.
مات خلفٌ سنة خمس ومائتين، ويقال: سنة خمس عشرة ومائتين. وهو الأصح، وقيل: سنة عشرين ومائتين. والله تعالى أعلم.
ورأيت بخط بعضهم على هامش نسخة من " الجواهر المُضية " معزواً إلى شرح الشيخ قوام الدين الإتقاني، ما صورته: ومن زهده - يعني خلف بن أيوب - أنه مرض فأهدى إليه شداد رُمانة، فوضعها عند رأسه، فقال له: من أين هذه الرمانة؟ قال: من شجرة في داري. فقال: من أي ماء سقيتها؟ فقال: من بئر في سكتي. فقال: أليس دارك في سكة كذا؟ قال: نعم. فقال: إنه لا يطيب لي، ليس لك من ذلك النهر إلا الشقة، وليس لك أن تسقي الشجرة. فردها عليه. انتهى والله تعالى أعلم.
درس بمشهد الإمام أبي حنيفة، رضي الله تعالى عنه.
تفقه عليه السيد بن علي أبو جعفر، المعروف بابن الزيتوني.
ذكره الدبثي، في ضمن ترجمته. قاله في " الجواهر ".
837 - خلفُ بن أبي الفتح بن خلف بن أحمد بن عبد الله
أبو القاسم المُقري
سبط خلف الفقيه الشلحي.
كان يقرأ القرآن بتلاوة حسنة، وكان يحفظ أشعاراً كثيرة، وكان يتبع مظفراً التوني المُغني ويُغني معه.
قال ابن النجار: علقت عنه شيئاً كثيراً، وكان حسن الأخلاق، كيساً.
قال ابن النجار: أنشدنا أبو القاسم خلف القوال، من لفظه وحفظه، أنشدني أستاذي مظفر بن الأعز التوني، لعبد المحسن الصوري: