مَحَا الله نُوناتِ الحَواجِبِ لم تَزَلْ ... قِسِيّا لها دُعْجُ النَّوَاظِرِ أسْهُمُ
بِنُورِ الْهُدَى قد صَحَّ مَعْنَى خِطَابِهِ ... وكلُّ بَعِيدٍ مِن سَنَا النُّورِ مُظْلِمُ
دَقيقُ المعاني جَلَّ إيجازُ لَفْظِهِ ... عن الْوَصْفِ حتى عنه سَحْببانُ مُفْحَمُ
كذا نقلت هذه الترجمة من " تاريخ " ابن شاكر الكتبي.
وذكره صاحب " الجواهر "، وذكر شهرته وتقدمه، وأن اسم أبيه ما ذكرناه.
ولا بأس بإيراد بقية غزل القصيدة ومدحها، فإن شعر الغزي مما يكتب، بل مما يحفظ.
قال رحمه الله تعالى، بعد قوله: " مَحا اللهُ نُوناتِ الحواجب " إلخ:
وأطْفأ نِيرانَ الْخُدُودِ فقَلَّ مَنْ ... رأى قَبْلَها ناراً يُقَبِّلُها فَمُ
سَقاك الْكَرَى مِن مَوْرِدٍ عَزَّ ماؤُهُ ... عليه قلوبُ الهيمِ كالطَّيرِ حُوَّمُ
أصَادَك غِزْلانَ الحِجَازِ وطالمَا ... تَمَنَّى تَقِيٌّ صَيْدَها وهْو مُحْرِمُ
طَرَقْنَ ووَجْهُ الأرْضِ في بُرْقُّعِ الدُّجَاوعُدْنَ وكُمُّ اللَّيْلِ بالفَخْرِ مُعْلَمُ
وفي الحَيِّ غَيْرَانٌ على الفَجْرِ لَيْلُهُ ... مِن الفِكْرِ في شَنِّ الإغارةِ قَشْعَمُ
غَشَمْشَمُ هَوْلٍ حِلْسُ حَرْبٍ كأنهُ ... مِن الموتِ في الهَيْجَاء بالمَوْتِ يُسْلِمُ
يُكَفْكِفُ عن جَنْبَيْهِ أطرافه القنَا ... ويَحكي له الفح الخَميسُ العَرمْرَمُ
ويَعْرَى كما يَعْرَى الحُسامُ فَيكتَسي ... سرابيلَ منه العِزُّ والنَّقْعُ والدَّمُ
هو الفَخْرُ مَنْ نَهَدَ لَهُ فليَكُنْ كذا ... له مَغْرَمٌ في كُلِّ أوْت وَمغْنَمُ
وإلا فما غيرُ القناعةِ ثَرْوَةٌ ... ولا مِثْلُه طَودٌ مِن الضَّيْمِ يَعْصِمُ
كَفَى بِمُلُوكِ الأرضِ سُقْماً حِذارُهُمْ وإن مَلَكُوا أن يَسْلُبَ المُلكَ عَنْهُمُ
وهَبْ جَعَلوا ما في الشمس لم تُنَلْ ... ولم يَبْقَ غيرَ البَدْرِ في النَّاسِ دِرْهَمُ
أليس أخو الطِّمْرَيْنَ في العَيْشِ فَوْقَهُمْ ... إذا نابَ لا يَخْشَى ولا يَتَوَهَّمُ
أرَى كلَّ مَن مَدَّتْ بِضَبْعَيْهِ دَوْلَةٌ ... تَعَلم منها كيف في الماء يَرْقمُ
تَحَلَّى بأسْماءِ الشُهورِ فكَفُّهُ ... جُمادَى وما ضُمَّتْ عليه المُحَرَّمُ
مَنِ اسْتَحْسَنَ التَّفْريطَ واستقْبَحَ اللهُّى ... تسمى بألمَي وهو أفلحُ أعلمُ
ترى الجدَّ حتى في الحروفِ مُؤثِّراً ... فمِنهُنَّ في القِرطَاسِ غُفْلٌ ومُعْجَمُ
ولو قُدِّمَ الإحسانُ والفضلُ لم يكنْ ... بغيرِ الحسينِ الزَّيْنَبِيِّ التَّقَدُّمُ
إمامٌ غَدَا بالعِلْمِ لِلْعَصْرِ غُرَّةً ... بِرَغْمِ العِدَا والعصرُ بالجَهْلِ أدْهَمُ
بِنُورِ الهُدَى.....إلخ.
على أنَّه لا يَفْرَحُ الخَصْمُ مُعْجَباً ... فلَوْ أمْكَنَ الإسْهابُ عاقَ التَّكَرُّمُ
ولا عَيْبَ إلاَّ حُبُّهُ الجُودَ شِيمَةً ... يُعَدِّى إليْنا ما حَواهُ ويَلْزَمُ
يَجُودُ ويَخْشَى أنْ يُلاَم......إلخ.
بِجَهْلي أمِينَ الدَّوْلةِ انْتَجَعَتْ يَدِي سِواكَ ولي مِن جُودِ كَفَّيْكَ خِضْرِمُ
ولكنَّنِي ألفَيْتُ بالعَجْزِ رُخْصَةً ... وبالجُرْحِ حَوْلَ البَحْرِ جازَ التَّيَمُّمُ
وكم مِن مُحبٍّ فارَق الحِبَّ هَيْبَةً ... وبات صَبَا أخْبارِه يَتَنَسَّمُ
وما زِلْتُ فِي الأعْيادِ أدْعُو مُخَفِّفاً ... عن السمع والداعِي مع البُعْدِ يَخْدُمُ
لِيَهْنِكَ أن الأكمَلَ افْتُرِعَتْ على ... بَنانِ ابْنِهِ الأقْلاَمُ والمجدُ يبْسَمُ
وفاقَ فَعِشْ حتى تَرَى الكَهْلَ منهمُ ... بَنِيهِ له نَجْلٌ بنُعْماكَ يُقْسِمُ