بشرٌ يجود إذا قصدْ ... تَ تُريدُ جداوهُ هلم
ما قال لا في حاجةٍ ... لا بَلْ يقولُ نعمْ نعمْ
وهو العَفُوُّ عنِ المُسِ ... ئِ وعن قبائح ما اجْتَرَمْ
نامَ القُضاةُ عن الأنا ... م وعَيْنُ بشر لم تنم
وحكيمُ أهلِ زمانِهِ ... فيما يريدُ وما حَكَمْ
وكأنه القمرُ المُني ... رُ إذا بَدَا أجْلَى الظُلَمْ
وكأنه البحرُ المُطِّلُ ... إذا تقاذَفَ والتَطَمْ
وكأنه زهرُ الربي ... عِ إذا تفتَّحَ أو نَجَمْ
ختَمَ الإلهُ لِبِشْرِنا ... بالخيرِ منه إذا خَتَمْ
قال أحمد بن كامل القاضي: مات بشر بن الوليد الكندي المفلوج صاحب أبي يوسف القاضي، في سنة ثمان وثلاثين ومائتين، وبلغ سبعاً وتسعين سنة، ودفن في مقابر باب الشام. رحمه الله تعالى.
قال نصير بن يحيى: سئل بشر بن يحيى المروزي عن ماء وقعت فيه نجاسة، فأرة أو نحوها، والماء قليل، فعجن به وخُبز، قال: بيعوه من النصارى، ولا أراهم يأكلونه إن علموا ذلك، فلا بد من الإعلام. ثم قال: بيعوه من اليهود، ولا أراهم يأكلونه إن علموا ذلك. ثم قال: بيعوه من المجوس، ور أراهم يأكلونه إن علموا ذلك. ثم قال: بيعوه من هؤلاء الذين يقولون: الماء طاهر لا ينجسه شيء. كذا في " حيرة الفقهاء "، نقله صاحب " الجواهر ".
قلت: وفيه من سوء الأدب، وبذاءة اللسان، ما لا يخفى، ومثل هذا لايليق بشأن أهل العلم، سامحه الله تعالى، وغفر له بمنه وكرمه.
569 - بشر بن أبي الأزهر القاضي، واسم أبي الأزهر يزيد
النيسابوري، وكنيته أبو سهل
تفقه على أبي يوسف، وسمع ابن المبارك، وابن عُيينة، وأبا يوسف، وشريكاً، وابن وهب، في آخرين.
روى عنه الإمام علي ابن المديني، ومحمد بن يحيى الدهلي.
ذكره الحاكم في " تاريخ نيسابور "، وقال: من أعيان الفقهاء الكوفيين، وأديانهم، ومفتيهم، وزهادهم، مات ليلة الأربعاء، السادس من رمضان، سنة ثلاث عشرة ومائتين. رحمه الله تعالى.
570 - بكار بن الحسن بن عثمان بن زياد بن عبد الله، الفقيه
العنبري، الأصبهاني، مفتيها
حدث عن أبيه، وعن ابن المبارك، وإسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة.
امتحن في أيام الواثق، فلم يجب إلى ما يريدون، وقال: عيون الناس ممدودة إلي، فإن أجبت أخشى أن يجيبوا ويكفروا. وتجهز ليخرج، فوكل به، وعزم حبان بن بشر القاضي على نفيه من أصبهان، فجاء البريد بموت الواثق، فطرد الأعوان عن داره، فقال الناس: ذهب بكار بن الحسن بالدست، وخرى حبان في الطست.
قال ابن أبي الشيخ: مات سنة ثمان ومائتين، رحمه الله تعالى.
وسيأتي أبوه الحسن في بابه، إن شاء الله تعالى.
571 - بكار بن قُتيبة بن عبد الله بن أبي بردعة
ابن عبيد الله بن بشير بن عبيد الله بن أبي بكرة
أبو بكرة الثقفي، البكراوي
وفي هذا النسب، من تقديم بعض الآباء، على بعض، وإثبات البعض، وإسقاط البعض، خلاف، لا علينا أن نطيل به، لعدم الفائدة المهمة في ذلك.
ولدسنة اثنتين وثمانين ومائة، وأخذ الفقه والشروط عن هلال بن يحيى، وعيسى بن أبان، وطلب الحديث، فأكثر عن أبي داود الطيالسي، ويزيد بن هارون، وصفوان بن عيسى، وعبد الصمد بن عبد الوارث، ومؤمل بن إسماعيل، وغيرهم من مشايخ البصرة.
وروى عنه أبو داود السجستاني، خارج " السنن " وابن خزيمة، وأبو عوانة، في " صحيحيهما " والطحاوي، أكثر عنه جداً، وخلائقُ كثيرون، وكان له اتساع في الفقه والحديث.
وعن أحمد بن سهل الهروي قال: كنت ألازم غريماً لي، بعد العشاء الآخرة، أو نحو هذا، وكنت ساكناً في جوار بكار بن قتيبة، فانصرفت إلى منزلي، فإذا هو يقرأ (يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خليفَةً في الأرْضِ) ، الآية، فوقفتُ أتسمع عليه طويلاً، ثم انصرفت فقمت في السحر، على أن أصير إلى منزل الغريم، فإذا هو يقرأ هذه الآية، ويرددها، فعلمت أنه كان يقرؤها من أول الليل.
وكان كثيراً ما يُنشد:
لِنَفْسِيَ أَبْكِي لستُ أَبْكِي لِغَيرِهَا ... لِعَيْبِيَ في نفسي عن الناسِ شاغِلُ