الخطبة التاسعة
في حياة أبي بكر رضي الله عنه الحمد لله الذي بعث نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم في خير القرون واختار له من الأصحاب أكمل الناس عقولا وأقومهم دينا وأغزرهم علما وأشجعهم قلوبا قوما جاهدوا في الله حق جهاده فأقام بهم الدين وأظهرهم على جميع العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله خاتم النبيين وإمام المتقين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى واعرفوا ما من الله به على نبيكم من الصحابة الكرام ذوي الفضائل العديدة والخصال الحميدة الذين نصر الله بهم الإسلام ونصرهم به وكان منهم الخلفاء الراشدون الأئمة المهديون الذين قاموا بالخلافة بعد نبيهم خير قيام فحافظوا على الدين وساسوا الأمة بالعدل والحزم والتمكين فكانت خلافتهم أفضل خلافة في التاريخ في مستقبل الزمان وماضيه تشهد بذلك أفعالهم وتنطق به آثارهم وكان أجلهم قدرا وأعلاهم فخرا أبا بكر الصديق رضي الله عنه عبد الله بن عثمان فما طلعت الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيين خير من أبي بكر خلف النبي صلى الله عليه وسلم في أمته بإشارة من النبي صلى الله عليه وسلم. فقد ثبت في صحيح البخاري «أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة فأمرها أن ترجع إليه فقالت أرأيت إن لم أجدك قال فائتي أبا بكر» وهم صلى الله عليه وسلم أن يكتب كتابا لأبي بكر ثم قال «يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر» ، وفي رواية: معاذ الله أن يختلف المؤمنون في أبي بكر وخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على الناس في الصلاة والحج فقد أمر أن يصلي أبو بكر بالناس حين مرض النبي صلى الله عليه وسلم وجعله أميرا على الناس في الحج سنة تسع من الهجرة وكل هذا إشارة إلى أنه الخليفة من بعده ولو كان أحد يستحق الخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم سوى أبي بكر لخلفه النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة والحج.
كان أبو بكر رضي الله عنه من سادات قريش وأشرافهم وأغنيائهم شهد له ابن الدعنة (سيد القارة) أمام أشراف قريش بما شهدت به خديجة للرسول صلى الله عليه وسلم حين قال له إنك تكسب المعدوم وتصل الرحم وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق. فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم بادر رضي الله عنه إلى الإيمان به وتصديقه ولم يتردد حين دعاه إلى الإيمان ولازم النبي صلى الله عليه وسلم طول إقامته بمكة وصحبه في هجرته ولازمه في المدينة وشهد معه جميع الغزوات أسلم على