يديه خمسة من العشرة المبشرين بالجنة وهم عثمان بن عفان والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله وعبد الرحمن بن عوف. واشترى سبعة من المسلمين يعذبهم الكفار بسبب إسلامهم فأعتقهم منهم بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعامر بن فهيرة الذي صحبهما في هجرتهما ليخدمهما. كان رضي الله عنه أعلم الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم ومدلول كلامه وفحواه. فقد خطب النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حياته وقال «إن عبدا خيره الله بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عند الله» ففهم أبو بكر رضي الله عنه أن المخير رسول الله فبكى فعجب الناس من بكائه لأنهم لم يفهموا ما فهم. وكان رضي الله عنه أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس «إن أمن الناس علي في ماله وصحبته أبو بكر ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر ولكن أخوة الإسلام ومودته» . وجاء مرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنه كان بيني وبين ابن الخطاب شيء فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى فأقبلت إليك فقال النبي صلى الله عليه وسلم «يغفر الله لك يا أبا بكر ثلاثا» ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فسأل أثم أبو بكر قالوا لا فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجعل وجه النبي صلى الله عليه وسلم يتمعر حتى أشفق أبو بكر أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر ما يكره فجثا على ركبتيه فقال يا رسول الله والله أنا كنت أظلم مرتين فقال النبي صلى الله عليه وسلم «إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت وقال أبو بكر صدق وواساني بنفسه وماله فهل أنتم تاركون لي صاحبي مرتين» فما أوذي بعدها. وكان رضي الله عنه أثبت الصحابة عند النوازل والكوارث ففي صلح الحديبية لم يتحمل كثير من الصحابة الشروط التي وقعت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قريش حتى إن عمر راجع النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك وشق عليه الأمر وراجع أبا بكر فكان جواب أبي بكر كجواب النبي صلى الله عليه وسلم سواء بسواء. ولما توفي النبي صلى الله عليه وسلم اندهش المسلمون لذلك حتى قام عمر رضي الله عنه وأنكر موته وقال والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وليبعثنه الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم (من خلاف) ولكن أبا بكر رضي الله عنه جاء فكشف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبله وقال بأبي أنت وأمي طبت حيا وميتا ثم خرج إلى الناس فصعد المنبر فخطب الناس بقلب ثابت وقال ألا من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت وتلا: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30]