سألت أبي عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في جلسائه فقال كان دائم البشر سهل الخلق لين الجانب يتغافل عما لا يشتهي ولا يؤيس راجيه لا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه وإذا تكلم عنده أنصتوا له حين يفرغ وكان يصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته ولا يقطع على أحد حديثه حتى يتجوزه فيقطعه بانتهاء أو قيام. وكان صلى الله عليه وسلم أزهد الناس في الدنيا وأرغبهم في الآخرة خيره الله بين أن يكون ملكا نبيا أو عبدا نبيا فاختار أن يكون عبدا نبيا. قال أنس دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على سرير مزمول بالشريط وتحته وسادة من أدم وحشوها ليف ودخل عمر وناس من الصحابة فانحرف النبي صلى الله عليه وسلم فرأى عمر أثر الشريط في جنبه فبكى فقال النبي صلى الله عليه وسلم «ما يبكيك يا عمر قال ومالي لا أبكي وكسرى وقيصر يعيشان فيما يعيشان فيه من الدنيا وأنت على الحال الذي أرى فقال يا عمر أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة قال بلى قال هو كذلك» .
هذه أيها المسلمون درر من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم فاتخذوها نبراسا لكم تأتمون بها وتأخذون وتسيرون عليها وتهتدون فإن الله جبله على مكارم الأخلاق وأمرنا بالاقتداء به: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: 158] رزقنا الله وإياكم محبة هذا النبي الكريم ووفقنا لاتباع هديه وسننه حتى يأتينا اليقين أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم. . . . الخ.