الخطبة السابعة
في تحريم مال الغير بغير رضاه إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك به وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليمًا.
أما بعد أيها الناس اتقوا الله تعالى واعلموا أن الله أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم ما أنزل من الوحي وكان مما أنزل قوله تعالى {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل: 89]
فالقرآن العظيم بيان لكل ما يحتاج الناس إليه في أمور دينهم ودنياهم فكما جاء بتنظيم معاملة الإنسان مع ربه وهي العبادة جاء كذلك بتنظيم معاملة الإنسان مع بني جنسه وغيرهم من المخلوقات فجاء بتنظيم البيع والشراء والإجارة والمساقاة والمزارعة والرهن والوقف والهبة والميراث والنكاح والقصاص وغيرها من ارتباط الناس بعضهم ببعض ولقد كانت القاعدة العامة لتلك المعاملات هي اتباع العدل فيها والابتعاد عن الظلم بحيث يعامل الشخص غيره على وفق الشريعة بما يحب أن يعامله به فلا يبغي ولا يعتدي وبهذا يتحقق الإيمان ويفوز العبد بدخول الجنة والنجاة من النيران قال النبي صلى الله عليه وسلم «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» وقال صلى الله عليه وسلم «من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتدركه منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ويأتي إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه» .
أيها المسلمون إن من أهم العدل في المعاملات أن يكون التعامل بالرضى طوعًا بدون إكراه لقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] فالبيع لا يكون إلا عن تراض فمن أكره على بيع ملكه بغير حق فالبيع باطل ولا يحل للمشتري أن ينتفع بالمبيع بل الواجب عليه رده إلى صاحبه حتى تطيب نفسه ببيعه ومن أكره على إجارة ملكه بغير الحق فالإجارة باطلة ولا يحل للمستأجر أن ينتفع بالمستأجر بل الواجب عليه أن يتخلى عنه ويرده لصاحبه إلا أن يرضى ببقائه بالأجرة وإن من الناس اليوم من أصروا على البقاء فيما استأجروه من بيوت ودكاكين مع أن أصحابها