لا يرضون بذلك لأنهم كانوا استأجروها برخص وارتفعت الأجرة ارتفاعًا فاحشًا ومن المعلوم أن أحدًا لا يرضى أن يغبن هذا الغبن الفاحش حتى المستأجرون أنفسهم لو كانت الأملاك لهم ما رضوا أن يبقى أحد فيها بأجرة لا ترضيهم فكيف يرضون لأنفسهم أن يفعلوه مع غيرهم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» ولقد أعلن النبي صلى الله عليه وسلم في أعظم اجتماع شهده مع أمته أعلن عام حجه حيث قال «إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت قالوا نعم» . فيا عباد الله لا يحل مال امرئ مسلم سواءً كان ذلك من أعيان الأموال أو من منافعها إلا برضًى منه فكونوا عبادًا للَّه تعالى لا عبيدًا لأهوائكم ومطامعكم أفترضون أيها الإخوة إذا بعثتم يوم القيامة أن تؤخذ حسناتكم لأصحاب هذه البيوت والمحلات التي أصررتم على البقاء فيها بدون رضاهم ثم إن كان في حسناتكم ما يكافئ مظالم هؤلاء وإلا أخذ من سيئاتهم وطرح عليكم ثم طرحتم في النار. أفترضون أيها الإخوة أن تبقوا في بيوت بدون رضا أهلها وقد قال كثير من أهل العلم إن صلاتكم فيها في هذه الحال باطلة. أفترضون أيها الإخوة أن ينقطع جوابكم عند السؤال يوم القيامة إذا سئلتم لماذا بقيتم في أملاك غيركم بدون رضا أصحابها. نعم إنه سينقطع جوابكم حينئذ لأنه ليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما يبيح لكم البقاء في أملاك غيركم بدون رضاهم وإن لبعض الناس شبهةً في بقائهم في أملاك غيرهم بدون رضاهم حيث يحتجون بقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] ويقولون إن الحكومة وفقها الله قررت زيادةً معلومةً منعت أصحاب العقارات من تجاوزها ولكن هذه كلمة حق أريد بها باطل فالحكومة لم تأمرهم أن يبقوا في أملاك غيرهم ولو أن المستأجر خرج من البيت أو الدكان المستأجر ما منعته وإنما أَمْر الحكومة موجه إلى أصحاب العقارات فعلى أصحاب العقارات أن يصبروا على أَمْر الحكومة ولا يعارضوه امتثالًا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصبر ولكن لا يجوز للمستأجر المستنفع أن يبقى على إجارة يرى أن فيها هضمًا لأخيه حيث زادت الإجارات زيادةً فاحشةً بل وزادت جميع قيم الأشياء حتى في الأطعمة غير المدعمة بمعونة الحكومة وفي الألبسة الكمالية والضرورية كلها قد زادت زيادةً فاحشةً عما كانت عليه قبل سنوات إن صح التعبير بأن ذلك زيادة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015