الوسيلة غاية والغاية وسيلة ألم يعلم أن المال وسيلة لقيام الدين والدنيا وأن اكتسابه بطريق محرم هدم للدين والدنيا.
إن اكتساب المال بالغش كسب حرام واكتسابه بالكذب كسب حرام واكتسابه بالربا وقلب الدين كسب حرام واكتسابه بالدعاوي الباطلة كسب حرام يقول النبي صلى الله عليه وسلم «من غش فليس منا» ويقول صلى الله عليه وسلم «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب» «ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء» «وقال لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل» وقال النبي صلى الله عليه وسلم «من حلف على مال امرئ مسلم بغير حق لقي الله وهو عليه غضبان» «وتخاصم رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم في أرض فقال للمدعي ألك بينة قال لا قال فلك يمينه فقال يا رسول الله إن الرجل فاجر لا يبالي على ما حلف عليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم ليس لك منه إلا يمينه فلما أراد أن يحلف قال النبي صلى الله عليه وسلم لئن حلف على مال ليأكله ظلمًا ليلقين الله وهو عنه معرض فأدرك الرجل مخافة الله فرد أرضه» .
أيها الناس لقد قَلَّ الورع في هذا الزمان وأصبح المال غايةً بعد أن كان وسيلةً أصبح الرجل لا يهمه إلا كسب المال ولا يهمه من أين اكتسبه من حرام أو حلال وهذا كما أنه نقص في الدين فهو نقص في العقل والتدبير كيف تتجاوز الحلال إلى الحرام وأنت ترى المال يذهب وأنت عنه تنقل كيف ترضى أن تكدس المال لغيرك عليك إثمه والتعب في تحصيله ولغيرك غنمه وثمرات عاقبته هل رأيت أحدًا قبلك خَلَد للمال أو خُلِّد المال له فاتق الله أيها المؤمن وأجمل في الطلب فإن رزق الله لا يدرك بمعصيته وإنما يدرك بطاعته {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا - وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2 - 3]
أيها الناس لقد كثرت في المحاكم الخصوم وصار الناس يتباهون أيهم يغلب في الخصومة وهو يرى أن الحق لغيره ولكنه يدعي ما ليس له أو ينكر ما يجب عليه ظلمًا وعدوانًا ثم يعلل نفسه بأن القاضي حكم له يظن أن حكم القاضي يقلب الحلال حرامًا والحرام حلالًا ولكن الأمر ليس كذلك فالقاضي يحكم بالظاهر وليس له إلا ما يسمع من الخصمين وأما الباطن فإلى الله تعالى هو الذي يحكم به يوم تبلى السرائر ولا يوجد للظالم من قوة ولا ناصر قال