الخطبة السادسة
في التحذير من التعدي على الغير في ماله الحمد لله الذي يقضي بالحق ويحكم بالعدل وهو أحكم الحاكمين حكم بالعدل وأمر به وحرم على نفسه الظلم وحرمه على عباده وهو أرحم الراحمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين وجامع الخلق ليوم لا ريب فيه ليفصل بينهم بحكمه وهو خير الفاضلين وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وخيرته من الخلق أجمعين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليمًا.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى واعلموا أن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا طيب الذات والأسماء والصفات والأفعال لا يقبل إلا الطيب من الأقوال والأعمال والأموال ألا وإن الطيب من الأموال ما اكتسبه الإنسان من طريق حلال ثم أنفقه فيما يرضي الكبير المتعال أما المال الذي اكتسبه من حرام فليس بطيب فلا يقبله الله منه. فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الدين إلا من يحب فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه لا والذي نفسي بيده لا يُسْلِم أو لا يَسْلَم عبد حتى يُسْلِم أو يَسْلَم قلبه ولسانه ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه قالوا وما بوائقه قال غشمه وظلمه ولا يكسب عبد مالًا حرامًا فيتصدق به فيقبل منه ولا ينفق منه فيبارك له فيه ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار إن الله لا يمحو السيئ بالسيئ ولكن يمحو السيئ بالحسن إن الخبيث لا يمحو الخبيث.
» أيها المسلمون إن في هذا الحديث لعبرةً وموعظةً لمن كان له قلب أنه يدل على أن كثرة الدنيا وتنعيم العبد بها لا يدل على محبة الله العبد لأن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولكن الدين في العبد هو الدليل على محبة الله فإن الله لا يعطي الدين إلا من يحب فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه وإن هذا الحديث ليدل على أن كسب الحرام خسارة لا ربح فيه للعبد فإن تصدق به لم يقبل منه وإن أنفقه لم يبارك له فيه وإن خلفه بعده كان زاده إلى النار كيف يليق بحال المؤمن أن يسمع مثل هذا ثم يكتسب المال من طريق حرام وهو يعلم أنه محرم وكيف يليق به أن يذهب دينه من أجل دنياه كيف يليق به أن يجعل