[الخطبة الثانية في صوم رمضان ومن يجب عليه]

الخطبة الثانية

في صوم رمضان ومن يجب عليه إن الحمد لله نستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما.

أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى، واشكروه على ما أنعم به عليكم من مواسم الخيرات، وما حباكم به من الفضائل والكرامات، وعظموا تلك المواسم، واقدروها قدرها بفعل الطاعات والقربات واجتناب المعاصي والموبقات، فإن تلك المواسم ما جعلت إلا لتكفير سيئاتكم وزيادة حسناتكم ورفعة درجاتكم.

عباد الله: لقد استقبلتم شهرا كريما، وموسما رابحا عظيما لمن وفقه الله فيه للعمل الصالح استقبلتم شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن شهرا تضاعف فيه الحسنات، وتعظم فيه السيئات أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، جعل الله صيام نهاره فريضة من أركان إسلامكم، وقيام ليله تطوعا لتكميل فرائضكم، من صامه إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قامه إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن أتى فيه بعمرة كان كمن أتى بحجة، فيه تفتح أبواب الجنة، وتكثر الطاعات من أهل الإيمان، وتغلق أبواب النار، فتقل المعاصي من أهل الإيمان، وتغل الشياطين، فلا يخلصون إلى أهل الإيمان بمثل ما يخلصون إليهم في غيره.

أيها الناس صوموا لرؤية هلال رمضان، ولا تقدموا عليه بصوم يوم أو يومين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك إلا من كان عليه قضاء من رمضان الماضي، فليقضه أو كان له عادة بصوم، فليصمه مثل من له عادة بصوم يوم الاثنين أو الخميس، فصادف قبل الشهر بيوم أو يومين، أو كان له عادة بصيام أيام البيض، ففاتته، فليس عليه بأس بصيامها قبل رمضان بيوم أو يومين، ولا تصوموا يوم الشك، وهو يوم الثلاثين من شعبان، إذا كان في ليلته ما يمنع رؤية الهلال من غيم أو فتر أو نحوهما. ففي صحيح البخاري من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تصوموا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين» . ومن حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم «فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين» . وقال عمار بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015