ياسر رضي الله عنه: من صام اليوم الذي يشك فيه، فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم. ومن رأى الهلال يقينا، فليخبر به ولاة الأمور، ولا يكتمه. وإذا أعلن في إذاعتكم ثبوت دخول رمضان، فصوموا، وإذا أعلن فيها ثبوت دخول شوال، فأفطروا؛ لأن إعلان ولاة الأمور ذلك حكم به. «جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره أنه رأى الهلال، فقال: " أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله " قال: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " فأذن في الناس يا بلال أن يصوموا غدا» .
وصوم رمضان أحد أركان الإسلام فرضه الله على عباده، فمن أنكر فريضته فهو كافر؛ لأنه مكذب الله ورسوله وإجماع المسلمين قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183] وقال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]
فالصوم واجب على كل مسلم بالغ عاقل قادر مقيم ذكرا كان أم أنثى، ليست حائضا ولا نفساء. فلا يجب الصوم على كافر، فلو أسلم في أثناء رمضان لم يلزمه قضاء ما مضى منه، ولو أسلم في أثناء يوم من رمضان أمسك بقية اليوم، ولم يلزمه قضاؤه. ولا يجب الصوم على صغير لم يبلغ لكن إذا كان لا يشق عليه أمر به ليعتاده، فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يصومون أولادهم حتى إن الصبي ليبكي من الجوع، فيعطونه لعبة يتلهى بها إلى الغروب. ويحصل بلوغ الصغير، إن كان ذكرا بواحد من أمور ثلاثة: أن يتم له خمس عشرة سنة، أو تنبت عانته، أو ينزل منيا باحتلام، أو غيره، وتزيد الأنثى بأمر رابع، وهو الحيض، فمتى حصل للصغير واحد من هذه الأمور، فقد بلغ، ولزمته فرائض الله وغيرها من أحكام التكليف إذا كان عاقلا. ولا يجب الصوم على من لا عقل له كالمجنون والمعتوه ونحوهما، فالكبير المهذري لا يلزمه الصوم، ولا الإطعام عنه، ولا الطهارة، ولا الصلاة؛ لأنه فاقد التمييز فهو بمنزلة الطفل قبل تمييزه. ولا يجب الصوم على من يعجز عنه عجزا دائما كالكبير والمريض مرضا لا يرجى برؤه، ولكن يطعم بدلا عن الصيام عن كل يوم مسكينا بعدد أيام الشهر لكل مسكين ربع صاغ نبوي من البر أي: أن الصاع يكفي لأربعة فقراء عن أربعة أيام، والأحسن أن يجعل مع الطعام شيئا يأدمه من لحم أو دهن. وأما المريض بمرض يرجى برؤه، فإن كان الصوم لا يشق عليه، ولا يضره وجب عليه أن يصوم؛ لأنه لا عذر له، وإن كان الصوم يشق