جركس الخواجا عُثْمَان ابتاعه مِنْهُ يلبغا الْكَبِير فِي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة واسْمه حِينَئِذٍ الطنبغا فَسَماهُ لنتوء فِي عَيْنَيْهِ برقوقا وَكَانَ من جملَة مماليكه الْكِتَابِيَّة ثمَّ كَانَ بعد قَتله فِيمَن نفي إِلَى الكرك ثمَّ اتَّصل بمنجك نَائِب الشَّام وَحضر مَعَه إِلَى مصر فاتصل بالأشرف شعْبَان فَلَمَّا قتل ترقى إِلَى إمرة أَرْبَعِينَ وَكَانَ فِي جمَاعَة من إخْوَته فِي خدمَة أيبك البدري ثمَّ لما قَامَ طلقتمر على مخدومهم وَقبض عَلَيْهِ ركب برقوق وبركة وَمن تابعهما عَلَيْهِ وَأَقَامَا طشتمر العلائي بتدبير المملكة أتابكا)
واستمروا فِي خدمته إِلَى أَن قَامَ عَلَيْهِ مماليكه فِي أَوَاخِر سنة تسع وَسبعين فآل الْأَمر إِلَى اسْتِقْرَار برقوق وبركة فِي تَدْبِير المملكة بعد الْقَبْض عَلَيْهِ فَلم يلبث أَن اخْتلفَا وتباينت أغراضهما وَكَانَ برقوق قد سكن الاسطبل السلطاني فَأول شَيْء صنعه أَن قبض على ثَلَاثَة من أكَابِر الْأُمَرَاء مِمَّن كَانَ فِي أَتبَاع بركَة فَبَلغهُ ذَلِك فَركب على برقوق ودام الْحَرْب بَينهمَا أَيَّامًا إِلَى أَن قبض على بركَة وسجن باسكندرية وَانْفَرَدَ برقوق بِالتَّدْبِيرِ مَعَ تَدْبيره سرا الْأَمر لنَفسِهِ اسْتِقْلَالا إِلَى أَن دخل رَمَضَان سنة أَربع وَثَمَانِينَ فَجَلَسَ حِينَئِذٍ وَذَلِكَ فِي ثامن عشره على تخت الْملك ولقب بِالظَّاهِرِ وَبَايَعَهُ الْخَلِيفَة والقضاة والأمراء فَمن دونهم، وخلعوا الصَّالح حاجي بن الْأَشْرَف وَأدْخل بِهِ إِلَى دور أَهله بالقلعة فَلَمَّا كَانَ بعد ذَلِك بِمدَّة خرج يلبغا الناصري وَاجْتمعَ إِلَيْهِ نواب الْبِلَاد كلهَا وانضم إِلَيْهِ منطاش وَكَانَ أَمِير ملطية وَمَعَهُ جمع كثير من التركمان فَجهز لَهُم الظَّاهِر عسكرا بعد آخر فانكسروا فَلَمَّا قرب الناصري من الْقَاهِرَة تسلل الْأُمَرَاء إِلَيْهِ إِلَى أَن لم يبْق عِنْد الظَّاهِر الا الْقَلِيل فتغيب حِينَئِذٍ واختفى فِي دَار بِقرب الْمدرسَة الشيخونية ظَاهر الْقَاهِرَة فاستولى الناصري وَمن مَعَه على المملكة وأعيد حاجي ولقب الْمَنْصُور وَاسْتقر الناصري أتابكا عِنْده وَأَرَادَ منطاش قتل برقوق فَلم يُوَافقهُ الناصري بل شيعه إِلَى الكرك فسجنه بهَا ثمَّ لم يلبث أَن ثار منطاش على الناصري فحاربه إِلَى أَن قبض عَلَيْهِ وسجنه باسكندرية واستقل منطاش بِالتَّدْبِيرِ وَكَانَ أهوج فَلم يَنْتَظِم لَهُ أَمر وَانْقَضَت عَلَيْهِ الاطراف فَجمع العساكر وَخرج إِلَى جِهَة الشَّام فاتفق خُرُوج الظَّاهِر من الكرك وانضم إِلَيْهِ جمع قَلِيل فَالْتَقوا فِي شقحب بمنطاش فَقدر أَنه انْكَسَرَ وَانْهَزَمَ إِلَى جِهَة الشَّام وَاسْتولى الظَّاهِر على جَمِيع الانفال وَفِيهِمْ الْخَلِيفَة والقضاة وأتباعهم فساقهم إِلَى الْقَاهِرَة وصادف خُرُوج المستخفين من مماليكه بقلعة الْجَبَل وقوتهم على نَائِب الْغَيْبَة فَدخل الظَّاهِر فاستقرت قدمه بالقلعة وَأعَاد ابْن الاشرف إِلَى مَكَانَهُ من دور أَهله كل ذَلِك فِي أَوَائِل سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين ثمَّ جمع العساكر