وَتفرد برياسة الْفَتْوَى بِدِمَشْق فَلم يبْق فِي أَوَاخِر عمره من يُقَارِبه فِي رياسة الْفِقْه إِلَّا ابْني نشوان بل لم يزل فِي ارْتِفَاع حَتَّى صَار من مفاخر دمشق وأذكر أَهلهَا للفقه وَأَصله، وَكَانَ يرجع إِلَى دين وعفة من صغره وَكَذَا فِي الْقَضَاء مَعَ علو همة ومروءة ومساعدة لمن يَقْصِدهُ وَحسن عقيدة وسلامة بَاطِن لَكِن مَعَ عجلة فِيهِ وحدة خلق، قَالَ شَيخنَا وَكَانَ صديقنا النَّجْم الْمرْجَانِي يقرظه ويفرط فِيهِ. وَمن تصانيفه الْحَاوِي الصَّغِير فِي أَرْبَعَة)
أسفار وَشرح جمع الْجَوَامِع للتاج السُّبْكِيّ ومختصر الْمُهِمَّات للأسنوي فِي خَمْسَة أسفار وَأحسن فِيهِ وَغير ذَلِك وَعمل شَيْئا على رجال البُخَارِيّ وَكم لكل مِنْهُم فِيهِ من الحَدِيث. وَحج من دمشق غير مرّة وجاور بِمَكَّة ثَلَاث سِنِين مُتَفَرِّقَة وَكَانَت وَفَاته بهَا مبطونا فِي ظهر يَوْم الْخَمِيس سادس شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَله اثْنَتَانِ وَسِتُّونَ سنة وَصلى عَلَيْهِ فِي عصر يَوْمه عِنْد بَاب الْكَعْبَة وَدفن بالمعلاة بجوار قبر أبي الْفضل النويري وجماعته، وَقد ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه بِاخْتِصَار وَأَنه أجَاز لِابْنِهِ مُحَمَّد وَتفرد برياسة الْفَتْوَى بِدِمَشْق وَلذَا قَالَ فِي أنبائه مَعَ بسط تَرْجَمته قَالَ وَبَلغنِي أَن صديقه النَّجْم الْمرْجَانِي صاحبنا رَآهُ فِي النّوم فَقَالَ لَهُ مَا فعل الله بك فَتلا عَلَيْهِ يَا لَيْت قومِي يعلمُونَ بِمَا غفر لي رَبِّي الْآيَة وَقَالَ الْعِزّ عبد السَّلَام كُنَّا إِذا جِئْنَا درس الملكاوي وَلم يَجِيء هُوَ وَلَا يَجِيء القبابي نَكُون كالحدادين بِلَا فَحم، وَقَالَ الْعَلَاء البُخَارِيّ: بَلغنِي صيته وَأَنا وَرَاء النَّهر من أقْصَى بِلَاد الْعَجم، وَذكره التقي بن قَاضِي شُهْبَة فِي طبقاته فَقَالَ أجزت لَهُ محبَّة سنة خمس وَتِسْعين، وَحج وجاور ثَلَاث مَرَّات وناب فِي الحكم بعد الْفِتْنَة وَاسْتمرّ وباشر المرستان وَالْجَامِع فَانْحَطَّ بِسَبَب ذَلِك، وَكَانَ فصيحا ذكيا جريئا مقداما وبديهته أحسن من رويته وطريقته جميلَة بَاشر الحكم على أحسن وَجه، وَاخْتصرَ التقي الفاسي تَرْجَمته فِي ذيل التَّقْيِيد وطولها فِي تَارِيخ مَكَّة وَقَالَ فِيهِ أَنه سمع مِنْهُ فَوَائِد علمية كَثِيرَة وحكايات مستحسنة وَأَنه أجَاز لَهُ ورزق قبولا عِنْد نَائِب دمشق قَالَ وَولي نظر البيمارستان النوري وَالْجَامِع الْأمَوِي وَغير ذَلِك من الأنظار الْكِبَار كوقف الْحَرَمَيْنِ والبرج والغاية وَحمد فِي مُبَاشَرَته لتنمية غلال مَا ينظر فِيهِ من الْأَوْقَاف وَقلة طمعه فِي ذَلِك وعادى بِسَبَبِهَا جمَاعَة مِمَّن لَهُ فِيهَا اسْتِحْقَاق من الْقُضَاة وَالْفُقَهَاء وَغَيرهم وَظهر عَلَيْهِم فِي غير مَا قَضِيَّة، إِلَى أَن قَالَ وَفِي خلقه حِدة وعادت عَلَيْهِ هَذِه الحدة بِضَرَر فِي غير مَا قَضِيَّة وَكَانَ بِأخرَة عِنْد حكام دمشق أعظم قدرا من كثير من قضاتها وفقهائها وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة فِيمَا يعْقد من