وجامع طولون وَالْفِقْه الْفَاضِلِيَّةِ والجمالية الناصرية مَعَ مشيخة التصوف بهَا وَمَسْجِد علم دَار، وناب الْقَضَاء عَن الْعِمَاد أَحْمد بن عِيسَى الكركي فِي سنة نَيف وَتِسْعين فَمن بعده وأضيف إِلَيْهِ فِي بعض الْأَوْقَات قَضَاء منوف وعملها وَغير ذَلِك وَسَار فِيهِ سيرة حَسَنَة وَاسْتمرّ فِي النِّيَابَة نَحْو عشْرين سنة ثمَّ ترفع عَن ذَلِك وَفرغ نَفسه للإفتاء والتدريس والتصنيف وَكَذَا الْإِمْلَاء بعد موت وَالِده بالديار المصرية بل وبمكة حِين حج فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين فَإِنَّهُ أمْلى هُنَاكَ مَجْلِسا ابتدأه بالمسلسل بالأولية مَعَ فَوَائِد تتَعَلَّق بِهِ حَضَره الْأَئِمَّة من المكيين وَغَيرهم ثمَّ مَجْلِسا آخر أمْلى عَلَيْهِ أَحدهمَا الزين رضوَان وَالْآخر التقي بن فَهد ولقيه الشّرف بن الْمُقْرِئ الْعَلامَة حِينَئِذٍ، وَكَذَا أمْلى بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة فِي تِلْكَ السّنة مَجْلِسا باستملاء الزين رضوَان للْأولِ والشرف الْمَنَاوِيّ للثني إِلَى أَن خطبه الظَّاهِر ططر بِغَيْر سُؤال إِلَى قَضَاء الديار المصرية فِي منتصف شَوَّال سنة أَربع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة مَعَ وجود السعاة فِيهِ بالبذل وَذَلِكَ عقب موت الْجلَال البُلْقِينِيّ بأَرْبعَة أَيَّام فَسَار فِيهِ أحسن سيرة بعفة ونزاهة وَحُرْمَة وصرامة وشهامة وَمَعْرِفَة وَكَانَ يحض أَصْحَابه على الاهتمام بإجابة من يلْتَمس مِنْهُم الشَّفَاعَة عِنْده عملا بِالسنةِ وليكون لَهُم عِنْد المسؤول لَهُ بذلك أياد وَقَامَ جمَاعَة عَلَيْهِ حَتَّى ألزموه بتفصيل الرفيع من الثِّيَاب وقرروا لَهُ أَن فِي ذَلِك قُوَّة للشَّرْع وتعظيما للقائم بِهِ، وَإِلَّا فَلم يكن عزمه التَّحَوُّل عَن جنس لِبَاسه قبله، وَلم يكن فِيمَا بلغنَا فِي حَال نيابته يثبت عَدَالَة غير شَافِعِيّ بتعديل عشرَة أنفس احْتِيَاطًا وتحريا، وَلم يلبث أَن مَاتَ الظَّاهِر فَبَايع لوَلَده الصَّالح مُحَمَّد بالسلطنة بعده قبل انْفِصَال السّنة ثمَّ لنظامه الْأَشْرَف برسباي فِي ثامن ربيع الآخر من الَّتِي بعْدهَا وَاسْتمرّ القَاضِي حَتَّى صرف فِي سادس ذِي الْحجَّة مِنْهَا لإقامته الْعدْل وَعدم محاباته لأحد من أَجله وتصميمه فِي أُمُور لَا يحتملها أهل الدولة حَتَّى شقّ على كثيرين مِنْهُم وتمالؤوا عَلَيْهِ بعد أَن كَانَ منع نوابه من الحكم فِي شَوَّال مِنْهَا مُخْتَارًا لأمر خُولِفَ فِيهِ وَبلغ الْأَشْرَف فاسترضاه وَوَافَقَهُ على الْأَمر الَّذِي كَانَ غضب بِسَبَبِهِ حَتَّى كَانَ ذَلِك سَببا للتمادي والممالأة)

عَلَيْهِ فِي صرفه فَكَانَت مُدَّة ولَايَته سنة وَدون شَهْرَيْن وَمِمَّنْ ساعد فِي صرفه قصروه أَمِير أخور وَابْن الكويز كَاتب السِّرّ والْعَلَاء بن المغلي قَاضِي الْحَنَابِلَة وَظَهَرت كَرَامَة الْوَلِيّ فِي المتعصبين فِي عَزله وأكبرهم الْعَلَاء فَإِنَّهُ قَامَ بِقَلْبِه وقالبه فِي صرفه لكَونه كَانَ يتمشيخ عَلَيْهِ وَولَايَة الآخر لكَونه كَانَ تتلمذ لَهُ فَأحب أَن يكون رَفِيقه مِمَّن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015