وَاسم الصّديق رَضِي الله عَنهُ وَشَرحهَا فِي ثَلَاث مجلدات أبدع فِيهِ مَا شَاءَ وقرضه لَهُ الْعلمَاء فَكَانَ مِمَّا كتبه شَيخنَا أشهد أَن أَبَا بكر مقدم على أنظاره وَلَا أعدل فِي هَذِه الشَّهَادَة من أَحْمد وأجزم برفعة قدره على من انتصب لهَذَا الْفَنّ وَلَا أبلغ من حَاكم يشْهد وَله رسائل ومقاطيع شهرية وَمن رسائله رِسَالَة أَنْشَأَهَا حِين كَانَ الظَّاهِر برقوق محاصرا دمشق فِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَحرقت دمشق كتب بهَا إِلَى الْفَخر بن مكانس بِالْقَاهِرَةِ سَمَّاهَا ياقوت الْكَلَام فِي أَيَّام الشَّام أودعها ابْن خطيب الناصرية تَرْجَمته من تَارِيخه وَهُوَ مِمَّن قرض السِّيرَة المؤيدية لِابْنِ ناهض وأوردت من تقاليده الَّتِي أَنْشَأَهَا لشَيْخِنَا فِي الْجَوَاهِر والدرر وَقد انحرف عَنهُ النواجي بعد مزِيد اختصاصهما وصنف الْحجَّة فِي سرقات ابْن حجَّة وَزَاد فِي التحامل عَلَيْهِ وهجاه كَثِيرُونَ من شعراء وقته بمقاطيع مقذعة وَكَأَنَّهُ وَالله أعلم لِأَنَّهُ كَانَ ضنينا بِنَفسِهِ وبشعره يرى غالبهم كآحاد تلامذته مَاتَ فِي الْعشْر الْأَخير من شعْبَان حَسْبَمَا أرخه ابْن خطيب الناصرية وَقيل فِي رَجَب سنة سبع وَثَلَاثِينَ بحماة بعد أَن قَالَ وَقد اجْتمعت الْبَارِدَة والحمى فِي مَرضه

(بردية بردت عظمى وطابقتها ... سخونة ألفتهما قدرَة الْبَارِي)

(فَامْنُنْ بتفرقة الضدين من جَسَدِي ... يَا ذَا الْمُؤلف بَين الثَّلج وَالنَّار)

وَوَصفه بعض الْمُحدثين بِالْإِمَامِ الْعَالم الأديب البارع رَأس أدباء الْعَصْر وأعرفهم بفنون الشّعْر وَمِمَّا كتبه عَنهُ شَيخنَا وَكَذَا ابْن خطيب الناصرية قصيدته الَّتِي امتدح بهَا الْعَلَاء بن أبي الْبَقَاء السُّبْكِيّ وعارض فِيهَا قصيدة للجمال بن نباتة أَولهَا

(يَا ساهر اللحظ حَالي فِيك مَشْهُور ... وكاسر الجفن قلبِي مِنْك مكسور)

(أمرت لحظك أَن يَسْطُو على كَبِدِي ... يَا صدق من قَالَ إِن السَّيْف مَأْمُور)

وَمِمَّا كتبه لقاض أخلف مَا وعده بِهِ من حبس غَرِيم لَهُ

(أضعت حَقي وأخلفت الوعود وَمَا ... وفيت لي ونصرت الْيَوْم أخصامي)

(فَلَا تلمني إِذا أنشدت من حرقي ... وَسُوء الْحَظ يُبْدِي نقض إبرامي)

(إِن كَانَ منزلتي فِي الْحبّ عنْدكُمْ ... مَا قد رَأَيْت فقد ضيعت أيامي)

ونظمه ونثره يَفُوقَانِ الْوَصْف وَعِنْدِي مِنْهُمَا جملَة قَالَ شَيخنَا وَنعم الرجل كَانَ وَقَالَ المقريزي كَانَ فِيهِ زهو وَإِعْجَاب بِنَفسِهِ علمه الْأَدَب ونظمه كثير وَهُوَ عِنْده فِي عقوده وَأَنه لقِيه مرَارًا أَولهَا بِدِمَشْق فِي صفر سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَأورد من نظمه أَشْيَاء قَالَ وَهُوَ أحد أدباء الْعَصْر المكثرين المجيدين وَله فِي الْأَدَب مصنفات وَمِمَّا أنْشدهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015