الْقَاهِرَة أَيْضا فِي الْأَيَّام المؤيدية فراج أمره وَعظم قدره ونوه بِهِ بلديه نَاصِر الدّين بن الْبَارِزِيّ وَاسْتقر بِهِ منشئ ديوَان الْإِنْشَاء فاشتهد وَبعد صيته وَصَارَ أحد الْأَعْيَان وباشر عدَّة أنظار وَدخل بِلَاد الرّوم مَعَ الْمُؤَيد إِلَى أَن كَانَت الْأَيَّام العلمية ابْن الكويز فَلم تمش أَحْوَاله كَمَا كَانَت فتقلق من إِقَامَته بِالْقَاهِرَةِ وَتوجه لبلده فِي سنة ثَلَاثِينَ فَأَقَامَ بهَا ملازما للاشتغال بالعلوم وَالْخَيْر إِلَى أَن مَاتَ ورام فِي الْأَيَّام الكمالية الرُّجُوع إِلَى الْقَاهِرَة فَمَا تهَيَّأ وَكَانَ إِمَامًا عَارِفًا بفنون الْأَدَب مُتَقَدما فِيهَا طَوِيل النَّفس فِي النّظم والنثر حسن الْأَخْلَاق والمروءة مَعَ بعض زهو وَإِعْجَاب ومداومة على خضب لحيته بالحمرة إِلَى أَن أسن حَتَّى هجاه بذلك الْبَدْر البشتكي بقوله

(صبيغ دعاويه لَا تَنْتَهِي ... يخطى الصَّوَاب وَلَا يشْعر)

(تفكرت فِيهِ وَفِي ذقنه ... فَلم أدر أَيهمَا أَحْمَر)

وَقد أَخذ عَنهُ الأكابر وَقَالَ شَيخنَا فِي أنبائه أَنه سمع من نظمه كثيرا بل وَسمع مِنْهُ مُعظم شَرحه على البديعية وَجُمْلَة من إنشائه قَالَ ولقيته بِبَلَدِهِ فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ ذَهَابًا وإيابا وبيننا مَوَدَّة أكيدة وَقَالَ فِي مُعْجَمه سَمِعت مِنْهُ الْكثير من الشَّرْح وَكتب عني وكتبت عَنهُ ولقيته بحماة عِنْد التَّوَجُّه مَعَ الْعَسْكَر إِلَى حلب وَسمعت من نظمه بهَا وَذكره ابْن خطيب الناصرية فَقَالَ الإِمَام الأديب البليغ الْفَاضِل النَّاظِم الناثر إِمَام أهل الْأَدَب فِي زَمَنه ثمَّ قَالَ وَبَين وَبَينه صُحْبَة أكيدة ومحبة ومذاكرة فِي الْأَدَب والتاريخ انْتهى وَمن تصانيفه بُلُوغ المرام من سيرة ابْن هِشَام وَالرَّوْض الْأنف والأعلام وأمان الْخَائِفِينَ من أمة سيد الْمُرْسلين وبلوغ المُرَاد من الْحَيَوَان والنبات والجماد فِي مجلدين وبروق الْغَيْث على الْغَيْث الَّذِي انسجم من شرح لامية الْعَجم وكشف اللثام عَن وَجه التورية والاستخدام وحديقة زُهَيْر وناصح قلاقس وزاوية شيخ الشُّيُوخ وتحرير القيراط وقهوة؟ فِي مجلدين وَهُوَ مِمَّا أنشأه بالديار المصرية عَن الْمُلُوك الْمُؤَيد وَالظَّاهِر والأشرف والزوائد المصرية نظم والثمرات الشهية من الْفَوَاكِه الحموية نظم أَيْضا وجني الجنتين وقطر النباتين وَثُبُوت الْحجَّة وَقبُول الْبَينَات وتأهيل الْغَرِيب فِي أَربع مجلدات وتفصيل الْبردَة وَثُبُوت الْعشْرَة وديوان شعر بديع قَالَ فِيهِ

(ديوَان نظمي جَاءَ وَهُوَ مُحَرر ... برقيق نظم لَفظه مستعذب)

(فَإِذا بدا لَا تستقلوا حجمه ... وحياتكم فِيهِ الْكثير الطّيب)

وَعمل البديعية مُتَابعًا للحلى على طَريقَة الْعِزّ الْموصِلِي من التورية باسم النَّوْع البديعي فِي الْبَيْت وسماها تَقْدِيم أبي بكر وَهِي تَسْمِيَة بديعة فِي مَعْنَاهَا للاتفاق فِي اسْمه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015