نكب فِي جملَة إِلْزَامه وصودر وَأخذ مِنْهُ جملَة وأشفى على الْهَلَاك وَلَكِن نجاه الله إِلَى أَن عَاد فِي الْأَيَّام المؤيدية لما كَانَ عَلَيْهِ من مُبَاشرَة التوقيع عِنْد الاستادارية مُدَّة سِنِين ثمَّ أعرض عَن ذَلِك وباشر فِي ديوَان الْإِنْشَاء مَعَ الْبَدْر بن مزهر فَمن بعده بل صَار بعده نَائِب كَاتب السِّرّ فِي ثامن رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ بِهِ حل الدِّيوَان وعقده حَتَّى أَنه عرض عَلَيْهِ الِاسْتِقْلَال بهَا فَامْتنعَ وَلما سَافر مَعَ الْأَشْرَف إِلَى آمد ولاه كِتَابَة سر الرها فَلبس الخلعة ثمَّ استعفى بِخِدْمَة فأعفى وَعَاد فِي ركابه إِلَى أَن اسْتَقر فِي كِتَابَة شَرّ حلب فِي حُدُود سنة تسع وَثَلَاثِينَ ثمَّ تَركهَا لوَلَده فِي شعْبَان سنة أَرْبَعِينَ وَعَاد إِلَى الْقَاهِرَة على نيابته وَكَانَ مقدما فِي صناعَة الْإِنْشَاء صَاحب أدب وعقل وحشمة وَفضل وإفضال وبشاشة وَجَمِيل محاضرة وتودد وخبرة بمخالطة النَّاس من رجال الدَّهْر عقلا وحزما وسياسة وَمَعْرِفَة مَعَ شهامة وإقدام لم يذكر عَنهُ إِلَّا الْخَيْر ذَا شيبَة نيرة وشكالة وَهُوَ السفير فِي الصُّلْح بَين الْأَشْرَف حِين نزل مَدِينَة آمد وَبَين ابْن قرايلوك مَاتَ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء تَاسِع رَمَضَان سنة أَربع وَأَرْبَعين بِالْقَاهِرَةِ وَدفن فِي مقَام الْبُرْهَان الجعبري خَارج بَاب النَّصْر من الْقَاهِرَة بِوَصِيَّة مِنْهُ خوفًا من دَفنه عِنْد جماعته فِي تربة جمال الدّين وَلم يخلف بعده فِي مَعْنَاهُ مثله رَحمَه الله وإيانا وَذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ أَنه حصل عدَّة جِهَات فِي طول الْمدَّة مِنْهَا مشيخات بعدة خانكات وتداريس وأنظار وَأَنه كَانَ حسن الْمُلْتَقى بشوش الْوَجْه كثير السّكُون قَلِيل الْكَلَام وَالشَّر محببا إِلَى أَكثر النَّاس انْتهى وَحكى البقاعي الطعْن فِي نسبه بل قَالَ أَن ابْنه أخْفى وَفَاته ثَلَاثَة أَيَّام خوفًا على أَمْوَاله ووظائفه أَن يعرض لشَيْء مِنْهَا حَتَّى جبيت الْأَمْوَال وتقررت الْوَظَائِف باسمه وَالله أعلم (أَبُو بكر) بن سُلَيْمَان بن أبي الْجدر الشلح الْمَكِّيّ يَأْتِي قَرِيبا فِيمَن جده عَليّ 9 (أَبُو بكر) بن سُلَيْمَان بن صَالح الشّرف الداديخي الأَصْل الْحلَبِي الشَّافِعِي وداديخ قَرْيَة من عمل سرمين من غربيات حلب أَخذ النَّحْو بحلب عَن أبي عبد الله وَأبي جَعْفَر الأندلسيين وتفقه بهَا على أبي حَفْص الباريني وبدمشق على التَّاج السُّبْكِيّ بل أَخذ فِيهَا أَيْضا على الشَّمْس الْموصِلِي والحافظ ابْن كثير وبرع فِي الْفِقْه وأصوله وناب فِي تدريس الْمدرسَة الصاحبية تجاه النورية ثمَّ اسْتَقل بهَا وسكنها مديما للاشتغال والأشغال والتصنيف والإفتاء وَالْكِتَابَة بِحَيْثُ كتب كثيرا من كتب الْعلم ونفع النَّاس وَولي الْقَضَاء بحلب مُدَّة وَكَانَ دينا عَالما مَاتَ بدير كوش من أَعمال حلب بعد كائنة تمر فِي ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَدفن هُنَاكَ