ولمحمد الْفراش أَولهَا
(لموتك أَيهَا الصَّدْر الرئيس ... تعطل الدارس والمدروس)
وَلم يخلف بعده مثله وَكَانَ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء درس بالتقوية وَذكر الْخلاف فِي موت الْفجأَة ثمَّ قَالَ وَأَنا أختاره لمن هُوَ على بَصِيرَة لِأَن أقل مَا فِيهِ أَمن الْفِتْنَة عِنْد الْمَوْت ثمَّ ركب مِنْهَا فَلَمَّا اسْتَوَى على بغلته قَالَ لوَلَده الْبَدْر وَالله يَا بني مَا بَقِي فِينَا شَيْء ثمَّ توجه للناصرية فدرس بهَا وجره الْكَلَام إِلَى فضل الْمَوْت يَوْم الْجُمُعَة وليلتها ثمَّ سَأَلَ الله الْوَفَاة فِي ذَلِك فَأجَاب الله دَعوته فَإِنَّهُ لما كَانَ ثَانِي يَوْم بعد الْعَصْر وَهُوَ جَالس يحدث وَلَده والقلم بِيَدِهِ وَهُوَ يكْتب فَوضع الْقَلَم فِي الدواة واستند إِلَى المخدة والتوى رَأسه فَقَامَ إِلَيْهِ وَلَده فَوَجَدَهُ قد مَاتَ بِحَيْثُ قَالَ وَلَده وَالله وَالله مَا أعلم أَنه حصل لَهُ من ألم الْمَوْت مَا يحصل من ألم الفصادة إِلَّا دون ذَلِك رَحمَه الله وإيانا 6 (أَبُو بكر) بن أَحْمد بن مُحَمَّد الزكي الْمصْرِيّ الشَّافِعِي الْمُقْرِئ الضَّرِير وَيعرف بالسعودي ولد تَقْرِيبًا قبل سنة سبعين وَسَبْعمائة بِمصْر وَأخْبر أَن أمه سَافَرت بِهِ فِي صغره إِلَى اسكندرية فَرَآهُ الشَّيْخ نَهَارا فَقَالَ لَهَا أَنه يكف بعد قَلِيل وَأَنه يكون فِي آخر عمره خيرا مِنْهُ فِي أَوله وَلَا يَمُوت إِلَّا مَسْتُورا فَكف وسنه خَمْسَة أشهر وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج أَو التَّنْبِيه والشاطبية والكافية الشافية وَاسْتمرّ على حفظهَا إِلَى آخر وَقت وَعرض على السراج البُلْقِينِيّ والأبناسي والعز بن الكويك وأجازوا لَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآن بِمصْر على الصَّدْر السفطي شيخ الْآثَار وتلا بالسبع عَلَيْهِ وعَلى مظفر وخليل المشبب وَالشَّمْس الْعَسْقَلَانِي ولازمه كثيرا وَسمع عَلَيْهِ الشاطبيتين وَالْفَخْر البلبيسي إِمَام الْأَزْهَر وَالشَّمْس بن الْقطَّان وَسمعت أَنه كَانَ يرجحه على سَائِر شُيُوخه بل قيل أَنه أَخذهَا عَن التقي عبد الرَّحْمَن الْبَغْدَادِيّ وَبحث فِي الْفِقْه على ابْن الْقطَّان وَغَيره وَسمع دروسا فِي النَّحْو على الشَّمْس الغماري وَلكنه لم يتَمَيَّز فِي غير الْقرَاءَات مَعَ حذق بتعبير الرُّؤْيَا وَحج فِي سنة أَربع عشرَة وجاور بقيتها مَعَ سنتَيْن بعْدهَا وَدخل الْيمن وأقرأ بتعز وسافر إِلَى طرابلس وَأخذ عَنهُ جمَاعَة وَقَرَأَ عَلَيْهِ الزين جَعْفَر السنهوري الْفَاتِحَة وَإِلَى المفلحون وَلم يكن يسمح بِالْإِجَازَةِ إِلَّا لمن يقْرَأ وَمَا أَظن قَصده فِي ذَلِك إِلَّا جميلا وَإِن قَالَ البقاعي أَنه مُجَرّد حرمَان لَهُ لسوء بَاطِنه وَقد فَاتَهُ خير كثير وَمَا اكْتفى بذلك حَتَّى قَالَ لَهُ أَنْت شيخ قد أعمى الله بصيرتك كَمَا أعمى بَصرك وَذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه فَقَالَ أَبُو بكر الزكي بن الْمقري ولد سنة بضع وَسِتِّينَ وتعانى الِاشْتِغَال بالقراءات وَكَانَ قد أضرّ فَحمل عَن الْعَسْقَلَانِي خَاتِمَة أَصْحَاب الصَّائِغ وَأَجَازَ لَهُ وَمهر فِي تَعْبِير المنامات