وتفنن فِي عدَّة عُلُوم ونظم الشّعْر فأجاد وَرغب عَن الْملك وزهد فِي الدُّنْيَا وَأَقْبل على الْآخِرَة فَرَحل عَن بِلَاده طَالبا ثغرا يُجَاهد فِيهِ الْكفَّار فَدخل الْقَاهِرَة سنة سبع عشرَة فلازمني طَويلا وَبحث على مختصري النخبة وعلقها بِخَطِّهِ ومختصر الْكرْمَانِي فِي عُلُوم الحَدِيث أَيْضا وَكَانَ مَعَه ثمَّ كتب عني شرح النخبة وَكَانَ يستحسنه جدا وَحضر فِي إملائي على شرح البُخَارِيّ واستفدت مِنْهُ وَسمعت من فَوَائده وَكَانَ شكلا بهيا ونفسا رضية، كثير الْعِبَادَة حسن التِّلَاوَة شجي الصَّوْت سليم الْفطْرَة ملوكي الْأَدَب بطلا شجاعا قَلِيل النظير، وَلم يزل قَاصِدا التَّوَجُّه لدمياط أَو غَيره من الثغور لنِيَّة المرابطة إِلَى أَن اسْتشْهد بالطاعون فِي سنة تسع عشرَة بعد أَن عدته فِي مَرضه فَوَجَدته فِي الغمرات فَقلت)
لَهُ كَيفَ تجدك فَقَالَ طيب، وَلما مَاتَ وَدفن اتّفق أَن الْقُرَّاء قرؤوا على جنَازَته سُورَة يُوسُف وَلم يعْهَد ذَلِك من قراء الْجَنَائِز ثمَّ اتّفق أَنه دُلي فِي قَبره عِنْد انْتِهَاء قراءتهم إِلَى قَوْله تَعَالَى كَذَلِك لنصرف عَنهُ السوء والفحشاء إِنَّه من عبادنَا المخلصين فَكَانَ هَذَا من الِاتِّفَاق النَّادِر لكَون اسْمه يُوسُف. قلت وَهُوَ مِمَّن أنزلهُ القَاضِي جلال الدّين البُلْقِينِيّ بمدرسته وَقَرَأَ على القَاضِي واختص بِهِ الْجد حِينَئِذٍ واستأنس كل مِنْهُمَا بِالْآخرِ رحمهمَا الله وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي.
1156 - يُوسُف بن أَحْمد بن غَانِم الْمَقْدِسِي النابلسي سبط التقي القلقشندي. / ولي قَضَاء نابلس زَمَانا ثمَّ قَضَاء صفد ثمَّ خطابة الْقُدس لما مَاتَ الْعِمَاد الكركي ثمَّ سعى عَلَيْهِ ابْن السائح قَاضِي الرملة بِمَال كثير فعزل فَقدم دمشق متمرضا. وَمَات بهَا فِي جُمَادَى الأولى سنة اثْنَتَيْنِ. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه.
1157 - يُوسُف بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن جَعْفَر بن قَاسم الْأَمِير الْجمال أَبُو المحاسن العثماني البيري ثمَّ الْحلَبِي ثمَّ القاهري الأستادار أَخُو الشَّمْس مُحَمَّد الْمَاضِي وَكَانَ يعرف أَولا بِابْن الحريري ثمَّ بِالْقَاهِرَةِ بأستادار بجاس. / ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسَبْعمائة بالبيرة وَكَانَ أَبوهُ خطيبها وصاهر الشَّمْس عبد الله بن يُوسُف بن سحلول وَزِير حلب على أُخْته فَولدت لَهُ صَاحب التَّرْجَمَة فَهُوَ قريب مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف بن سحلول فَنَشَأَ فِي كنف خَاله الْمَذْكُور وَكَانَ أَولا بزِي الْفُقَهَاء وَحفظ الْقُرْآن وكتبا فِي الْفِقْه والعربية مِنْهَا ألفية ابْن معطي وعرضها على أبي عبد الله بن جَابر الأندلسي وَأخذ عَنهُ فِي شرحها لَهُ بحلب وَسمع عَلَيْهِ بديعيته وَغَيرهَا، ثمَّ ارتحل على فاقة عَظِيمَة لدمشق فتزيا للجند وخدم بلاصيا عِنْد الشَّيْخ عَليّ كاشف بر دمشق وَغَيره. وَقدم الْقَاهِرَة فِي سنة سبعين فخدم أستادارا عِنْد الْأَمِير بجاس فطالت مدَّته عِنْده بِحَيْثُ تزوج ابْنَته وَعرف بِهِ