لَهُ أَرْبَعِينَ وفهرستا وَكَذَا خرج لَهُ الزين رضوَان شَيْئا بل سمع مني تصنيفي القَوْل البديع وَمَا كَانَ يقدم على أحدا وَبَالغ فِي الثَّنَاء لفظا وخطا كَمَا بَينته مَعَ بسط تَرْجَمته فِي ذيل الْقُضَاة والمعجم والوفيات وَكَانَ يمِيل إِلَى تَكْمِيل نَفسه بِحَيْثُ يكثر الْمُرَاجَعَة وَالتَّحْقِيق من خَواص أحبابه، وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ من محَاسِن الدَّهْر دينا وصلاحا وتعبدا واقتفاء للسّنة وتواضعا وكرما وبذلا وتوددا وَحَالا وَقَالا مَعَ الشهامة والتوجه للْفُقَرَاء وَالرَّغْبَة فِي الْبَذْل لَهُم وللطلبة فَوق طاقته بِحَيْثُ يستدين لذَلِك وَيتَصَدَّق بعمامته الَّتِي يكون جَالِسا بهَا وبثوبه وَنَحْو ذَلِك مِمَّا شاهدت الْكثير مِنْهُ ومزيد السماح وَكَونه بِحَسب الْقَرَائِن لَا وَقع للدنيا عِنْده بِحَيْثُ لم يكن يتعاطاها بِيَدِهِ والخبرة بالأمور الدُّنْيَوِيَّة والأخروية والفحولة وَحسن العقيدة بِحَيْثُ كتب خطه فِي وَاقعَة ابْن عَرَبِيّ وتبرأ من كتبه ومطالعاتها وَنعم الصَّنِيع، وَحسن الْعشْرَة والمداعبة واللطف والمحاسن الَّتِي قل أَن رَأَيْتهَا بعده فِي غَيره ولشيخه ابْن)

الْهمام أَبْيَات فِي مدحه وَكَذَا لغيره من فحول الشُّعَرَاء فِيهِ القصائد الطنانة كالنواجي، وَله تصانيف ونظم ونثر وفوائد وَلم يعْدم مَعَ أَوْصَافه الجليلة وخصاله الجميلة من طَاعن فِي علاهُ ظاعن عَن حماه وَهُوَ يكابد ويناهد سِيمَا بعد موت الظَّاهِر مَعَ كَونه مِمَّن بَالغ فِي الْوَصِيَّة بِهِ مَعَ وَلَده الْمَنْصُور، وامتحن مرَارًا أشقها عَلَيْهِ فِي آخر عمره حِين صرف بالصلاح المكيني مَعَ كَونه مِمَّن لم يكن يرفع لَهُ رَأْسا فَمَا احْتمل وَلكنه لم يَنْقَطِع سوى يَوْمَيْنِ وَكَانَ فيهمَا متماسكا جدا بِحَيْثُ أَنه إِذا عَاده من الْعَادة جَارِيَة بِالْقيامِ لَهُ يقوم. وَمَات بداره الَّتِي جددها ووسعها من سويقة الصاحب فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ ثَانِي عشر جُمَادَى الثَّانِيَة سنة إِحْدَى وَسبعين وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد فِي سَبِيل المؤمني بِحَضْرَة السُّلْطَان فِي مشْهد حافل لم يعْهَد بعد مشْهد شَيخنَا مثله وَدفن بتربته جوَار ضريح الشَّافِعِي ورثاه الشَّمْس الْجَوْجَرِيّ وَغَيره وَأثْنى النَّاس عَلَيْهِ حَتَّى من كَانَ يكرههُ وتأسفوا على فَقده خُصُوصا الْخِيَار حَتَّى أَن إِمَام الكاملية مكث أَيَّامًا لَا يَأْكُل إِلَّا قَلِيلا توجعا وتحزنا وَجَاء الْعلم بذلك وَأَنا بِمَكَّة فارتجت وصلوا عَلَيْهِ صَلَاة الْغَائِب، وَلم يخلف بعده فِي الإقبال على الْمَذْهَب غَيره مَعَ بديع أَوْصَافه وعظيم إنصافه واعترافه رَحمَه الله وإيانا وَأعَاد علينا من بركاته، وَمِمَّا قَالَه بِأخرَة:

(إِلَى الله أَشْكُو محنة أشغلت بالي ... فَمن هُوَ لَهَا ربع اصْطِبَارِي غَدا بالي)

(وَمَالِي مأمول سوى سيد الورى ... فَإِنِّي بِذَاكَ الجاه علقت آمالي)

إِلَى أَن قَالَ:

(أيا سيدا لَا زَالَ طول حَيَاته ... إِذا سَأَلُوهُ لَا يرد لتسآلي)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015