بأَشْيَاء وأنشده كَأَنَّهُ يُخَاطب غَيره وَإِنَّمَا عناه:

(عجبت لشيخ يَأْمر النَّاس بالتقى ... وَمَا راقب الرَّحْمَن يَوْمًا وَمَا اتَّقى)

(يرى جَائِزا أكل الحشيشة والربا ... وَمن يسمع الْوَحْي حَقًا تزندقا)

وَأَشَارَ شَيخنَا لذَلِك أَيْضا فِي تَرْجَمَة الْمَلْطِي من إنبائه حَيْثُ قَالَ وَعمل فِيهِ لمحب الدّين بن الشّحْنَة أبياتا هجاه بهَا كَانَ يزْعم أَنه أنشدها لَهُ بِلَفْظِهِ موهما أَنَّهُمَا لبَعض الشُّعَرَاء القدماء فِي بعض الْقُضَاة، وَذكره ابْن خطيب الناصرية فَقَالَ: شَيخنَا وَشَيخ الْإِسْلَام كَانَ إنْسَانا حسنا عَاقِلا دمث الْأَخْلَاق حُلْو النادرة عالي الهمة إِمَامًا عَالما فَاضلا ذكيا لَهُ الْأَدَب الْجيد وَالنّظم والنثر الفائقان وَالْيَد الطُّولى فِي جَمِيع الْعُلُوم قَرَأت عَلَيْهِ طرفا من الْمعَانِي وَالْبَيَان وَحَضَرت عِنْده)

كثيرا وَكَانَت بَيْننَا صُحْبَة أكيدة، وصنف فِي الْفِقْه وَالتَّفْسِير وعلوم شَتَّى وَأورد قصيدة ابْن زُرَيْق الْمشَار إِلَيْهَا، وَقَالَ الْبُرْهَان الْحلَبِي من بيُوت الحلبيين مهر فِي الْفِقْه وَالْأَدب والفرائض مَعَ جودة الْكِتَابَة ولطف المحاضرة وَحسن الشكالة يتوقد ذكاء وَله تصانيف لطاف، وَقَالَ المقريزي فِي عقوده أَنه أفتى ودرس بحلب ودمشق والقاهرة وَكَانَ يحب الحَدِيث وَأَهله وَلَقَد قَامَ مقَاما عجز أقرانه عَنهُ وتعجب أهل زَمَانه مِنْهُ، وسَاق جَوَابه لتيمور الْمُتَقَدّم وَغَيره وَكَانَ الْمجْلس لَهُ بِحَيْثُ أوصى جماعته بِهِ وبالشرف الْأنْصَارِيّ وأصحابهما وَفِي إِيرَاد ذَلِك طول.

وَقَالَ وَلَده أَنه ألف فِي التَّفْسِير وَشرح الْكَشَّاف وَلم يكملهما وَألف لأجلي فِي الْفِقْه مُخْتَصرا فِي غَايَة الْقصر محتويا على مَا لم تحتو عَلَيْهِ المطولات جعله ضوابط ومستثنيات فَعدم مِنْهُ فِي بعض الْأَسْفَار وَاخْتصرَ منظومة النَّسَفِيّ فِي ألف بَيت مَعَ زِيَادَة مَذْهَب أَحْمد ونظم ألف بَيت فِي عشرَة عُلُوم إِلَى غير ذَلِك فِي الْفِقْه وَالْأُصُول وَالتَّفْسِير وَعَامة الْعُلُوم قَالَ وَحَاصِل الْأَمر فِيهِ أَنه كَانَ مُنْفَردا بالرياسة علما وَعَملا فِي بَلَده وعصره وغرة فِي جبهة دهره ولي قَضَاء حلب ودمشق والقاهرة ثمَّ قَضَاء الشَّام كُله وَقدم حلب فقدرت وَفَاته بهَا وَسلم لَهُ فِي علومه الباهرة وبحوثه النيرة الظَّاهِرَة وانْتهى أمره إِلَى ترك التَّقْلِيد بل كَانَ يجْتَهد فِي مَذْهَب إِمَامه وَيخرج على أُصُوله وقواعده ويختار أقوالا يعْمل بهَا وَأثْنى على جَمِيع نظمه وَذكر أَن مِمَّن أَخذ عَنهُ الْعِزّ الحاضري والبدر بن سَلامَة بحلب وَابْن قَاضِي شُهْبَة وَابْن الْأَذْرَعِيّ بِالشَّام وَابْن الْهمام وَابْن التنسي والسفطي وَابْن عبيد الله بِمصْر وقرأت بِخَط آخِرهم أَنه قَرَأَ عَلَيْهِ بِالْقَاهِرَةِ حِين قدمهَا سنة ثَلَاث عشرَة وَلزِمَ دروسه إِلَى سَفَره فِي أَوَاخِر الَّتِي تَلِيهَا صُحْبَة الْعَسْكَر وَقَالَ أَن النَّاصِر قربه واستصحبه مَعَه فَالله أعلم بذلك كُله، وَمن تصانيفه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015