بن زادة وعظمه النَّاصِر بِحَيْثُ أَنه كَمَا قَالَ وَلَده جلس فِي المولد بِحَضْرَتِهِ مَعَ كَونه معزولا عَن قَضَاء حلب فَوق نَاصِر الدّين بن العديم قَاضِي مصر قَالَ حَتَّى ضج ابْن العديم من ذَلِك وَلم يجد لَهُ ناصرا، ثمَّ أَنه توجه مَعَ النَّاصِر إِلَى دمشق دَخلهَا مَعَه فولاه قَضَاء مصر فِي زمن حصاره بِدِمَشْق لكَون قاضيها نَاصِر الدّين بن العديم كَانَ اتَّصل بالمؤيد زمن الْحصار وَلكنه لم يُبَاشر بل وَلم يُرْسل لمصر نَائِبا فَلَمَّا انجلت الْقَضِيَّة بقتل النَّاصِر الَّذِي كَانَ ابْن العديم هُوَ الْحَاكِم بقتْله ونقم على الْمُحب انتماؤه إِلَيْهِ انْقَطع عَن الْمَجِيء بِدِمَشْق وَاسْتمرّ ابْن العديم فِي توجهه إِلَى مصر قاضيها وتقايض الْمُحب مَعَ الصَّدْر بن الأدمِيّ بوظائف لِابْنِ الأدمِيّ بِدِمَشْق عَن وظائف كَانَت حصلت للمحب بِمصْر كالجمالية)
وَأقَام الْمُحب بِدِمَشْق فَلَمَّا توجه نوروز بعد أَن اقتسم هُوَ وَشَيخ الْبِلَاد وَكَانَ نوروز كثير التَّعْظِيم للمحب ولاه كَمَا قَالَ وَلَده جَمِيع مَا هُوَ فِي قسمه من الْعَريش إِلَى الْفُرَات قَالَ فاقتصر مِنْهُ على بَلَده وَوصل صحبته إِلَيْهَا كل ذَلِك فِي سنة خمس عشرَة فَلم تطل أَيَّامه. وَمَات عَن قرب فِي يَوْم الْجُمُعَة ثَانِي عشر ربيع الآخر مِنْهَا وَصلي عَلَيْهِ بعد الْجُمُعَة تَحت القلعة وَدفن بتربة اشقتمر خَارج بَاب الْمقَام، وَكَانَت جنَازَته حافلة وَمِمَّنْ حمل نعشه ملك الْأُمَرَاء نوروز ومدحه الْجمال عبد الله بن مُحَمَّد بن زُرَيْق المعري بقصيدة بائية أَولهَا:
(لم أدر أَن ظَبْي الألحاظ والهدب ... أمضى من الهندويات والقضب)
وَقد وَصفه شَيخنَا فِي تَرْجَمَة أَبِيه من الدُّرَر بِالْإِمَامِ الْعَلامَة، وَفِي إنبائه بالعلامة بل ترْجم لَهُ هُوَ فِيهِ وَقَالَ أَن اشْتغل قَدِيما ونبغ وتميز فِي الْفِقْه وَالْأَدب والفنون وَأَنه لما رَجَعَ من الْقَاهِرَة إِلَى حلب يَعْنِي قبل الْقرن أَقَامَ ملازما للاشتغال والتدريس وَنشر الْعلم لكنه مَعَ وَصفه لَهُ بِكَثْرَة الاستحضار وعلو الهمة وَالنّظم الْفَائِق والخط الرَّائِق قَالَ إِنَّه كَبِير الدَّعْوَى وَفِي تَارِيخه أَوْهَام عديدة، وَنَحْوه قَوْله فِي مُعْجَمه مَعَ وَصفه بمحبة السّنة وَأَهْلهَا أَنه عريض الدَّعْوَى لَهُ نظم كثير متوسط قَالَ وَلما فتح اللنك حلب حضر عِنْده فِي طَائِفَة من الْعلمَاء فَسَأَلَهُمْ عَن الْقَتْلَى من الطَّائِفَتَيْنِ من هُوَ مِنْهُم الشَّهِيد فَقَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَاتل لتَكون كلمة الله هِيَ الْعليا فَهُوَ فِي سَبِيل الله فَاسْتحْسن كَلَامه وَأحسن إِلَيْهِ قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ لغزا فِي الْفَرَائِض فأجبته، وَلما حكى شَيخنَا فِي تَرْجَمَة الْجمال يُوسُف اللطي قَاضِي الْحَنَفِيَّة أَنه كَانَ قد اشْتهر عَنهُ أَنه يَقُول من أَكثر النّظر فِي كتاب البُخَارِيّ تزندق ويفتي بِإِبَاحَة أكل الحشيشة قَالَ إِن الْمُحب ذكر أَنه دخل عَلَيْهِ يَوْمًا فذاكره