وَقدر مَجِيئه هُوَ فنشره وعلما كثيرا ثمَّ أرسل إِلَيّ من شيراز بالمقدمة وَالتَّعْلِيق فألحقت بهما مَا كَانَ تجدّد لي بعد حصولهما لَهُ وَكتب عني شَيْئا من أول مَا علقته متعقبا على جمع رجال مُسْند أَحْمد وَبَالغ فِي اسْتِحْسَان مَا وَقع لي من ذَلِك. قلت حَسْبَمَا أوردته مَعَ كِتَابَته على مجلدي النشر فِي الْجَوَاهِر، قَالَ وَلما قدم الْقَاهِرَة انثال النَّاس للسماع عَلَيْهِ وَالْقِرَاءَة وَكَانَ قد ثقل سَمعه قَلِيلا وَلَكِن بَصَره صَحِيح يكْتب الْخط الدَّقِيق على عَادَته وَلَيْسَ لَهُ فِي الْفِقْه يَد بل فنه الَّذِي مهر فِيهِ القراآت وَله عمل فِي الحَدِيث ونظم وسط، وَوَصفه فِي الإنباء بِالْحَافِظِ الإِمَام الْمُقْرِئ وَقَالَ أَنه لهج بِطَلَب الحَدِيث والقراآت وبرز فِي القراآت وَأَنه كَانَ مثريا وشكلا حسنا وفصيحا بليغا كثير الْإِحْسَان لأهل الْحجاز انْتَهَت إِلَيْهِ رياسة علم القراآت فِي الممالك، وَقَالَ عَن طَبَقَات الْقُرَّاء أَنه أَجَاد فِيهِ وَعَن النشر أَنه جوده وَعَن الْحصن أَنه لهج بِهِ أهل الْيمن واستكثروا مِنْهُ ثمَّ قَالَ وَذكر أَن ابْن الخباز أجَاز لَهُ واتهم فِي ذَلِك، وقرأت بِخَط الْعَلَاء بن خطيب الناصرية أَنه سمع الْحَافِظ أَبَا إِسْحَق البرهابن سبط ابْن العجمي يَقُول لما رحلت إِلَى دمشق قَالَ لي الْحَافِظ الصَّدْر الياسوفي لَا تسمع مَعَ ابْن الْجَزرِي شَيْئا انْتهى. وَبَقِيَّة مَا عِنْد ابْن خطيب الناصرية أَنه كَانَ يتهم فِي أول الْأَمر بالمجازفة وَأَن الْبُرْهَان قَالَ لَهُ أَخْبرنِي الْجلَال بن خطيب داريا أَن ابْن الْجَزرِي مدح أَبَا الْبَقَاء السُّبْكِيّ بقصيدة زعم أَنَّهَا لَهُ بل وَكتب خطه بذلك ثمَّ بيّنت للممدوح أَنَّهَا فِي ديوَان ابْن قلاقس قَالَ شَيخنَا وَقد سَمِعت بعض الْعلمَاء يتهمه بالمجازفة فِي القَوْل وَأما الحَدِيث فَمَا أَظن بِهِ ذَلِك إِلَّا أَنه كَانَ إِذا رأى للعصريين شَيْئا أغار عَلَيْهِ وَنسبه لنَفسِهِ وَهَذَا أَمر قد أَكثر الْمُتَأَخّرُونَ مِنْهُ وَلم ينْفَرد بِهِ، قَالَ وَكَانَ يلقب فِي بِلَاده الإِمَام الْأَعْظَم وَلم يكن مَحْمُود السِّيرَة فِي الْقَضَاء وأوقفني بعض الطّلبَة من أهل تِلْكَ الْبِلَاد على جُزْء فِيهِ أَرْبَعُونَ حَدِيثا عشاريات فتأملتها فَوَجَدته خرجها بأسانيده من جُزْء الْأنْصَارِيّ وَغَيره وَأخذ كَلَام شَيخنَا فِي أربعينه العشاريات بفصه فَكَأَنَّهُ عمل عَلَيْهَا مستخرجا بعضه بِالسَّمَاعِ وَأَكْثَره بِالْإِجَازَةِ وَمِنْه مَا خرجه شَيخنَا من جُزْء ابْن عَرَفَة فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَن ابْن الخباز بِالْقِرَاءَةِ فَأخْرجهُ ابْن الْجَزرِي عَن ابْن الخباز بِالْإِجَازَةِ. قلت أما إجَازَة)
ابْن الخباز لَهُ فمحتملة فقد كَانَ خَال جده فِيمَا رَأَيْته فِي مشيخة الطاوسي وَأما سَرقَة النّظم فَلم يكن بمدفوع عَن النّظم فكم لَهُ من تصنيف نظما وَكَذَا أوردت من نظمه فِي تَرْجَمَة أبي الْوَلِيد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَحْمُود بن الشّحْنَة من الذيل على الْقُضَاة شَيْئا من لغز ومطارحات وَمن رجزه فِي أَحْمد بن يُوسُف بن