بِغَيْر مُنَازع فِي تفرده بقطر)
من أقطار الأَرْض. وَقد حج غير مرّة مِنْهَا فِي سنة خمسين فَحمل مَعَه من طلبة الْعلم والمشايخ المعتقدين والفقراء والمنقطعين من يتعسر حصرهم غير أَنه كَانَ مَعَه نَحْو أَرْبَعمِائَة نفر وَنَحْو ضعفهم من الدَّوَابّ وَلم يدع أحدا مِنْهُم يتَكَلَّف إِلَى شَيْء بل اشْترى لأهليهم الْهَدَايَا وَرجع كل مِنْهُم وَهُوَ ذَاكر لما يبهر الْعقل من الِاحْتِمَال وَالْإِحْسَان وطلاقة الْوَجْه ولين القَوْل وتكلف إِلَّا كمل من وُجُوه الْعِبَادَة كالتجرد فِي الْإِحْرَام على ضعف بدنه والمتابعة فِي سنَن الْحَج وواجباته الْأَمر الْمَشْرُوع سِيمَا فِي أَشْيَاء قد هجرت وَحصل لأهل الْحَرَمَيْنِ مِنْهُ أفضال وبر على جاري عَادَته ثمَّ قدم فَمَلَأ النَّاس خيرا وَبرا وَحدث فِي مَكَّة باليسير وَكَذَا حدث بِالْقَاهِرَةِ سمع عَلَيْهِ الْأَئِمَّة وقرأت عَلَيْهِ أَشْيَاء بل كتبت عَنهُ من نظمه مَا كتب بِهِ على نظم سيرة الْمُؤَيد لِابْنِ ناهض بعد كِتَابَة وَالِده مَا نَصه:
(هَذَا كتابك يَا ناهض قَاعد ... عَن مدحه أدبي وَعَن تهذيبه)
(فاشكر لمادحه على تَقْصِيره ... وَلمن هجاه فَإِنَّهُ يهذي بِهِ)
وَقَوله:
(مرت على فهمي وحلو لَفظهَا ... مُكَرر فَمَا عَسى أَن أصنعا)
(ووالدي دَامَ بقا سودده ... لم يبْق فِيهَا للكمال موضعا)
وَكَذَا كتبت عَنهُ من نظمه غير هَذَا مِمَّا أودعته فِي المعجم وَغَيره بل سمع شَيخنَا من لَفظه حِين كَانَا مسافرين سحبة الركاب السلطاني إِلَى آمد بِظَاهِر البيرة قصيدة الأديب شيخ على الَّتِي امتدح بهَا الْبَدْر بن الشهَاب مَحْمُود وسمعها الْكَمَال من ناظمها وَهِي مثبتة عِنْدِي فِي مَكَان آخر. ومحاسنه كَثِيرَة حَتَّى شاع بهَا ذكره وَبعد فِيهَا صيته وَصَارَ كَمَا قيل قل أَن ترى الْعُيُون فِي مَجْمُوعه مثله. وَله اعتراضات جَيِّدَة على شرح بديعية ابْن حجَّة. وَاسْتمرّ على جلالته حَتَّى مَاتَ فِي يَوْم الْأَحَد سادس عشرى صفر سنة سِتّ وَخمسين وَصلي عَلَيْهِ بسبيل المؤمني فِي مشْهد حافل شهده السُّلْطَان والأمراء وَسَائِر الْقُضَاة وَالْأَئِمَّة والأعيان تقدمهم أَمِير الْمُؤمنِينَ، وَدفن بتربة أَبِيه الْمُجَاورَة لقبة الإِمَام الشَّافِعِي من القرافة وأسف النَّاس على فَقده وَكثر الثَّنَاء عَلَيْهِ وعَلى جلّ أَوْصَافه وَلم يخلف بعده فِي مَجْمُوعه مثله، ورثاه غير وَاحِد وَحصل التغالي فِي كتبه بِحَيْثُ بِيعَتْ بأغلى الْأَثْمَان ووفيت دُيُونه وَهِي كَثِيرَة جدا مِنْهَا وَظهر بذلك حسن نِيَّته فِي كرمه وعطيته. وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي مُقْتَصرا على أَنه ولي كِتَابَة السِّرّ بعد أَبِيه فِي)
الْأَيَّام المؤيدية رَحمَه الله وإيانا.
584 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان بن مُوسَى رَضِي الدّين بن الشَّمْس بن نَاصِر الدّين الإسحاقي الأَصْل القاهري الْمَالِكِي الْمَاضِي جده وَيعرف بِابْن