ونظم ونثر وَتقدم فِي الْفُنُون وَمَات لَهُ فِي طاعون سنة أَربع وَسِتِّينَ ولدان كالغصنين فِي يَوْم وَاحِد فرثاهما بقصيدة طَوِيلَة أَولهَا:
(لَيْت شعري والبين مر المذاق ... أَي شَيْء أغراكما بفراقي)
أَنه مكر الله بِهِ فَصَارَ من رُؤُوس الاتحادية التَّابِعين للحلاج وَابْن عَرَبِيّ وَابْن الفارض وحزبهم انْتهى. وَكَذَا كتب على شرح متن العقائد شرحا لطيفا بل شرح شَرحه للتفتازاني شرحا طَويلا وَعمل مؤلفا فِي أدب الْقَضَاء ورسالة فِي التمانع وبرهان التمانع، وَقد حج وجاور غير مرّة مِنْهَا فِي سنة سبعين وأقرأ الطّلبَة بِمَكَّة وَلم يَنْفَكّ هُنَاكَ أَيْضا عَن اللّعب بالشطرنج بل رَأَيْته فِي يَوْم الْعِيد بمنى قبل أَن أنزلهَا وَهُوَ يلعبه مِمَّا لَو أخْبرت بِهِ عَنهُ لارتبت فِيهِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ بديع الذكاء والتصور مقتدر على التَّعْبِير عَن مُرَاده مَعَ تفخيم الْعبارَات الَّتِي قد يقل محصولها وَحسن النادرة والهيئة الَّتِي يتأنق فِيهَا ومشيه على قَاعِدَة المباشرين غَالِبا وَسُرْعَة الْحَرَكَة وسلامة الصَّدْر والمحبة فِي الْإِطْعَام والفتوة وبذل الجاه مَعَ من يَقْصِدهُ وخفض الْجَانِب لبني الدُّنْيَا والزهو على غَيرهم غَالِبا، ومحاسنه أَكثر وَقد كتبت من نظمه فِي الْفَخر أبي بكر بن ظهيرة والشرف يحيى بن الجيعان مَا أودعته فِي ترجمتيهما وَكَذَا مِمَّا كتبته مِنْهُ:
(النَّاس مثل الْأَرَاضِي فِي طبائعها ... فَمَا الَّذِي لَان مِنْهَا كَالَّذي صلبا)
(وَقل فِي النَّاس من ترْضى سجيته ... مَا كل تربة أَرض تنْبت الذهبا)
وَقد سبقه الْقَائِل:
(النَّاس كالأرض ومنهاهم ... كم يَابِس فيهم وَمن لين)
(فجلمد تدمى بِهِ أرجل ... وإثمد يَجْعَل فِي الْأَعْين)
وَكَذَا من نظمه:
(يَا رب عونا على الْخطب الَّذِي ثقلت ... أعباؤه يَا غياثي فِي مهماتي)
(لطفت بِالْعَبدِ فِيمَا مضى كرما ... يَا رب فالطف بِهِ فِي الْحَال والآتي)
وَلم يزل على حَاله إِلَى أَن تعلل بِمَا امْتنع مَعَه من الرّكُوب وَصَارَ ملقى فِي بَيته بِحَيْثُ تناقص حَاله وتعطلت أَكثر جهاته وَكَاد أَن يمل حَتَّى مَاتَ فِي ربيع الثَّانِي سنة أَربع وَتِسْعين رَحمَه الله)
وَعَفا عَنهُ وإيانا.
541 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سعيد الْكَمَال الصغاني الأَصْل الْمَكِّيّ الْحَنَفِيّ سبط يُوسُف الغزولي وَيعرف بِابْن الضياء. / ذكره الفاسي فَقَالَ سمع بِمَكَّة من بعض شُيُوخنَا وَقَرَأَ على الشَّمْس بن سكر وَأَجَازَ لَهُ ابْن أميلة وَالصَّلَاح بن أبي عمر وَغَيرهمَا وَمَا عَلمته حدث. وعني بالفقه وَغَيره وَسكن قبل مَوته مُدَّة طَوِيلَة بوادي نَخْلَة ثمَّ اسْتَقر مِنْهَا بخيف بن عُمَيْر وَكَانَ يؤم فِيهِ النَّاس ويخطب ويعقد الْأَنْكِحَة،