الْكَبِير المسعف الْغَنِيّ فضلا عَن الْفَقِير إِلَى غير مَا ذكر من الْإِكْرَام والتبجيل والإنعام كل ذَلِك والمخلطون بِبَابِهِ مرتبطون لتوهم ارتقائه إِلَى المناصب وبقائه فِيمَا هُوَ لَهُ ناصب وتأكد ذَلِك بعد مسك غَرِيمه ومصادرته فِي قبض المَال وتسليمه وَفعل ذَلِك بولده الَّذِي صَار نَاظر جَيش الشَّام حَتَّى قتلا فِي المحنة وَالسَّلَام وَكَانَ ذَلِك ابْتِدَاء عَكسه وانتهاء مَا تَعب فِي تخمينه وحدسه فَإِنَّهُ سَافر فِي الركاب السفرة الشمالية بعد أَن نافر من الْأَصْحَاب من معوله الالتجاء إِلَى مَوْلَاهُ فِي كل قَضِيَّة فَمَا كَانَ بأسرع من تغير الخواطر الكثيفة عَلَيْهِ وعَلى وَلَده ذِي الآراء المعكوسة والعقول السخيفة وَرجع مُبْعدًا منهورا مشددا عَلَيْهِ مقهورا فأفاق حِينَئِذٍ من سكرته وذاق مَا اعْتَمدهُ فِي سرعَة كَلَامه وحركته وَلم يلبث بعد الإبعاد أَن عَاد لتِلْك المسامرة والمكاثرة والاجتماع فِي بعض اللَّيَالِي على تِلْكَ الْأَلْفَاظ الملحنة والابتداع لما لَيْسَ لَهُ أصل فِي السّنة الْحَسَنَة فتردد النَّاس لبابه وتودد لَهُ الْعَدو فضلا عَن الصّديق بِحسن خطابه وَعقد بالأزهر وَغَيره بِحَضْرَة جمَاعَة من أهل الافتراء والمراء أَو المغفلين الْمُكرمين للغريب فضلا عَن الْقَرِيب بالقرى)
مجَالِس للإسماع والقرا كَانَ الْوَقْت فِي غنية عَنْهَا لِكَثْرَة مَا وَقع فِيهَا من الْكَلِمَات الَّتِي لَا متحصل مِنْهَا بل كَانَ قبل خطب بالجامع مرَارًا وأسمع فِيهِ الحَدِيث جهارا بل واستحضر الشاوي بَاقِي المسندين لوَلَده بِيَقِين فِي سنة سِتّ وَسبعين فأسمعه عَلَيْهِ بِحَضْرَتِهِ الصَّحِيح وَبَان بذلك الألكن من الفصيح إِلَى غير ذَلِك عَلَيْهِمَا أَو عَلَيْهِ بِانْفِرَادِهِ وتحاكى الطّلبَة مِمَّا كَانَ يَقع مَا لَا أثْبته مَعَ كثرته لمزيد فَسَاده وَمِمَّنْ كَانَ يحْكى مَا يَبْدُو مِنْهُ فِي رويته فضلا عَن بديهته بِحَضْرَتِهِ من الْكَلِمَات الَّتِي لَا تصدر من آحَاد الطّلبَة عِنْد الْملك أودواداره الْبُرْهَان الكركي الإِمَام الْفَائِق فِي علمه وتفننه وخبرته حَتَّى سَمِعت من يَقُول أَنه لذَلِك أسر النَّاس بمحنته وتقرر فِي خطابه جَامع الرَّوْضَة وباشر ذَلِك جمعا بِمَالِه من عزم ونهضة ثمَّ استناب فِيهِ بعض الْفُضَلَاء الْمَذْكُورين بالتوجيه وَكَذَا حدث بِبَلَدِهِ وأملى ودرس وَوعظ وخطب وَأفْتى بالوجاهة والاعتلاء وَولى السميساطية وَغَيرهَا من مدارس الشَّام خَارِجا عَمَّا يتَعَلَّق بِالْقضَاءِ من الْمدَارِس الَّتِي لَا تسام كالغزالية والعذراوية بل كَانَ يذكر بصدقات زَائِدَة وإحسان للغرباء بنية صَالِحَة أَو فَاسِدَة وَأَنه بنى بِجَانِب بَيته مدرسة إِمَّا إنْشَاء أَو تجديدا إِلَى غَيرهَا المآثر الَّتِي لَا احْتِيَاج بِنَا لذكرها تعديدا وَبنى أَيْضا بالقرافة عِنْد بَاب مقَام الشَّافِعِي تربة قرر بهَا فِيمَا قيل صوفية مَعَ شيخ لَهُم من الطّلبَة صرف الله عَن مشيختها بعض من خطبه لذَلِك من الْفُضَلَاء النبلاء بِحَيْثُ قيل أَن الْمُنَاسب لَهَا كَانَ ابْن دَاوُد المنوه