تكلم فِيهَا على بعض أَحَادِيث من البُخَارِيّ أَطَالَ فِيهَا النَّفس بل)
كَانَ يذكر أَنه كتب عَلَيْهِ شرحا وَكَذَا جمع خطبا وكراسة فِي بعض الْحَوَادِث قرضها لَهُ الْأمين الأقصرائي والزين قَاسم الحنفين وَغَيرهمَا وَكتب عَنهُ البقاعي مَا قَالَ انه من نظمه فِي الشَّمَائِل النَّبَوِيَّة لصهره السَّيِّد عفيف الدّين وَهُوَ:
(أبدى الشريف الالمعي عجائبا ... عَنْهَا تقصر سَائِر الافهام)
(وأجاد صنعا فِي شمائل جده ... فَالله يبقيه مدى الْأَيَّام)
بل حكى عَنهُ من نظمه وعجائبه غير ذَلِك ومدحه قَدِيما بقوله:
(إِلَى الْمَاجِد الحبر الْجواد مُحَمَّد ... أبي الْفضل جَوَاز الثنا ابْن أبي الْفضل)
(رَئِيس ترقي ذرْوَة الْمجد أمردا ... فَلَيْسَ لَهُ فِي بطن مَكَّة من شكل)
ثمَّ نافره بعد ذَلِك وَقَالَ مَعَ قَوْله أَنه شَاب حسن المنظر مَقْبُول الشكل من بَيت أصل وعراقة وَعلم وشهامة وَدين وشجاعة لكَونه قدم عَلَيْهِ فِي جَنَازَة: ان عِنْده من التوغل فِي حب الرياسة والرقاعة على شدَّة الْفقر مَا يحوجه إِلَى المجازفة والتشبع بمالم يُعْط فشاع كذبه حَتَّى صَار لَا يوثق بقوله وَكَذَا قَالَ انه شمخ وتكبر وَزَاد فِي التعاظم مضموما إِلَى الْكَذِب فمقته غَالب النَّاس وان أَبَا الْقسم النويري أفسد طباعه وانه كَانَت لَهُ حظوة عِنْد الأكابر وَالسُّلْطَان وَقرر فِي وظائف وَزعم أَنه قَرَأَ عَلَيْهِ فِي ايساغوجي، وَفِي كَلَامه مجازفات كَثِيرَة نسْأَل الله كلمة الْحق فِي السخط وَالرِّضَا. وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ اماما وافر الذكاء وَاسع الدائرة فِي الْحِفْظ حسن الْخط فصيحا طلق اللِّسَان بهجا وجيها عِنْد الْخَاصَّة والعامة متواضعا مَعَ الشهامة كَرِيمًا إِلَى الْغَايَة مقتدرا على استجلاب الخواطر والتحبب إِلَى النَّاس على اخْتِلَاف مَرَاتِبهمْ باذلا جاهه مَعَ من يَقْصِدهُ غير باخل بتربية أَصْحَابه خُصُوصا الْفُضَلَاء عَظِيم التنويه بذكرهم حَسَنَة من محَاسِن الدَّهْر وَقل أَن ترى الاعين فِي مَجْمُوعه مثله وَلَكِن الْكَمَال الله، وَقد عرض عَلَيْهِ قَضَاء الشَّافِعِيَّة بالديار المصرية فأبي وَكَانَ أمره فِيهَا فَوق ذَلِك وَكَذَا اسْتَقر فِي تدريس الشَّافِعِيَّة بعد ابْن الملقن مسئولا فِيهِ ثمَّ عرض نزاع فِيهِ فَأَعْرض عَنهُ. وَلم يزل فِي ارْتِفَاع حَتَّى مَاتَ مبطونا مطعونا غَرِيبا لم يغب ذهنه بل يُقَال أَنه اسْتمرّ يلْحق فِي وَصيته إِلَى وَقت صعُود روحه فِي ضحى يَوْم الْخَمِيس ثَالِث عشري رَمَضَان ثَلَاث وَسبعين، وَكنت عِنْده أول النَّهَار لعيادته، وَبلغ السُّلْطَان شدَّة توعكه فهم لعيادته بعد أَن أعلم بِضيق درب الاتراك مَحل سكنه وَمَا انثنى عزمه عَن ذَلِك بل أرسل خواصه بَين يَدَيْهِ فَوجدَ قدمات فَرجع وأعلمه فتألم وَنزل)
إِلَى سَبِيل المؤمنى فانتظر حَتَّى