ثمَّ توجه هُوَ وَعِيَاله وأكبر إخْوَته ووالداه لِلْحَجِّ فِي سنة سبعين فحجوا وجاوروا وَحدث هُنَاكَ بأَشْيَاء من تصانيفه وَغَيرهَا وأقرأ ألفية الحَدِيث تقسيما وغالب شرحها لناظمها والنخبة وَشَرحهَا وأملى مجَالِس. كل ذَلِك بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام، وَتوجه لزيارة ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا بِالطَّائِف رَفِيقًا لصَاحبه النَّجْم بن فَهد فَسمع مِنْهُ هُنَاكَ بعض الْأَجْزَاء، وَلما رَجَعَ إِلَى الْقَاهِرَة شرع فِي إملاء تَكْمِلَة تَخْرِيج شَيْخه للأذكار إِلَى أَن تمّ، ثمَّ أمْلى تَخْرِيج أربعي النَّوَوِيّ ثمَّ غَيرهَا مِمَّا يُقيد فِيهِ بِحَيْثُ بلغت مجَالِس الْإِمْلَاء سِتّمائَة مجْلِس فَأكْثر، وَمِمَّنْ حضر إملاءه مِمَّن شهد إملاء شَيْخه: النَّجْم بن فَهد وَالشَّمْس الأمشاطي وَالْجمال بن السَّابِق. وَمِمَّنْ حضر إملاء شَيْخه وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ: الْبَهَاء العلقمي، وَمِمَّنْ حضر إملاءهما والزين الْعِرَاقِيّ: الشهَاب الْحِجَازِي والجلال القمصي والشهاب الشاوي.
وَكَذَا حج فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ وجاور سنة سِتّ ثمَّ سنة سبع وَأقَام مِنْهَا ثَلَاثَة أشهر بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة. ثمَّ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وجاور سنة ثَلَاث ثمَّ سنة أَربع. ثمَّ فِي سنة سِتّ وَتِسْعين وجاور إِلَى أثْنَاء سنة ثَمَان فَتوجه إِلَى الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة فَأَقَامَ بهَا أشهرا وَصَامَ رَمَضَان بهَا، ثمَّ عَاد فِي شوالها إِلَى مَكَّة وَهُوَ الْآن فِي جُمَادَى الثَّانِيَة من الَّتِي تَلِيهَا بهَا ختم لَهُ بِخَير. وَحمل النَّاس من أهلهما والقادمين عَلَيْهِمَا عَنهُ الْكثير جدا رِوَايَة ودراية، وحصلوا من تصانيفه جملَة وَسُئِلَ فِي الْإِمْلَاء هُنَاكَ فَمَا وَافق نعم أمْلى بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة شَيْئا لِأُنَاس مخصوصين.
ثمَّ لما عَاد للقاهرة من الْمُجَاورَة الَّتِي قبل هَذَا تزايد انجماعه عَن النَّاس وَامْتنع من الْإِمْلَاء لمزاحمة من لَا يحسن فِيهَا وَعدم التَّمْيِيز من جلّ النَّاس أَو كلهم بَين العلمين وراسل من لامه على ترك الْإِمْلَاء بِمَا نَصه: إِنَّه ترك ذَلِك عِنْد الْعلم بإغفال النَّاس لهَذَا الشَّأْن بِحَيْثُ اسْتَوَى عِنْدهم مَا يشْتَمل على مُقَدمَات التَّصْحِيح وَغَيره من جمع الطّرق الَّتِي يتَبَيَّن بهَا انْتِفَاء الشذوذ وَالْعلَّة أَو وجودهما مَعَ مَا يُورد بالسند مُجَردا عَن ذَلِك وَكَذَا مَا يكون مُتَّصِلا بِالسَّمَاعِ مَعَ غَيره)
وَكَذَا العالي والنازل والتقيد بِكِتَاب وَنَحْوه مَعَ مَا لَا تقيد فِيهِ إِلَى غَيرهَا مِمَّا يُنَافِي الْقَصْد بالإملاء وينادي الذاكر لَهُ الْعَامِل بِهِ على الْخَالِي مِنْهُ بِالْجَهْلِ. كَمَا أَنه الْتزم ترك الْإِفْتَاء مَعَ الإلحاح عَلَيْهِ فِيهِ حِين تزاحم الصغار على ذَلِك واستوى المَاء والخشبة سِيمَا وَإِنَّمَا يعْمل بالأغراض، بل صَار يكْتب على الاستدعاآت وَفِي عرض الْأَبْنَاء من هُوَ فِي عداد من يلْتَمس لَهُ ذَلِك حِين التقيد بالمراتب والأعمال بِالنِّيَّاتِ، وَقد سبقه