تصانيف النَّوَوِيّ وَغَيره، إِلَى غَيرهَا من المسموعات الَّتِي لَا تقيد فِيهَا بِالْحَدِيثِ كالشاطبية والرائية فِي علمي الْقِرَاءَة والرسم والألفية فِي علمي النَّحْو وَالصرْف وَجمع الْجَوَامِع فِي الْأَصْلَيْنِ والتصوف والتنبيه والمنهاج وبهجة الْحَاوِي فِي الْفِقْه وتلخيص الْمِفْتَاح فِي الْمعَانِي وَالْبَيَان وقصيدة بَانَتْ سعاد والبردة والهمزية وَلَيْسَ مَا ذكر بآخر التَّنْبِيه كَمَا أَنه لَيْسَ المُرَاد بِمَا ذكر فِي الْأَنْوَاع الْحصْر إِذا لَو سرد كل نوع مِنْهُ لطال ذكره وعسر الْآن حصره بل لَو سرد مسموعه ومقروءه على شَيْخه فَقَط لَكَانَ شَيْئا عجبا.
وَأَعْلَى مَا عِنْده من الْمَرْوِيّ مَا بَينه وَبَين الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالسند المتماسك فِيهِ عشرَة أنفس وَلَيْسَ مَا عِنْده من ذَلِك بالكثير. وَأكْثر مِنْهُ وَأَصَح مَا بَين شُيُوخه وَبَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهِ الْعدَد الْمَذْكُور. واتصلت لَهُ الْكتب السِّتَّة وَكَذَا حَدِيث كل من الشَّافِعِي وَأحمد والدارمي وَعبد بِثمَانِيَة وسائط بل وَفِي بعض الْكتب السِّتَّة كَأبي دَاوُد من طَرِيق ابْن داسة وأبواب من النَّسَائِيّ مَا هُوَ بسبعة بِتَقْدِيم الْمُهْملَة واتصل لَهُ حَدِيث مَالك وَأبي حنيفَة بِتِسْعَة بِتَقْدِيم الْمُثَنَّاة.
وَلما ولد لَهُ وَلَده أَحْمد جدد الْعَزْم لأَجله حَيْثُ قَرَأَ لَهُ على بقايا المسندين شَيْئا كثيرا جدا فِي أسْرع وَقت وانتفع بذلك الْخَاص وَالْعَام وَالْكَبِير وَالصَّغِير وانتشرت الْأَسَانِيد المحررة والأسمعة الصَّحِيحَة والمرويات الْمُعْتَبرَة وتنبه النَّاس لإحياء هَذِه السّنة بعد أَن كَادَت تَنْقَطِع فلزموه أَشد مُلَازمَة وَصَارَ من يأنف الاستفادة مِنْهُ من المهملين يتسور على خطه فيستفيد مِنْهُ وَمَا يدْرِي أَن الِاعْتِمَاد على الصُّحُف فَقَط فِي ذَلِك فِيهِ خلل كَبِير ولعمري إِن الْمَرْء لَا ينبل حَتَّى يَأْخُذ عَمَّن فَوْقه وَمثله ودونه على أَن الأساطين من عُلَمَاء الْمذَاهب ومحققيهم من الشُّيُوخ وأماثل الأقران الْبعيد غرضهم عَن الْمَقَاصِد الْفَاسِدَة غير متوقفين عَن مسئلته فِيمَا يعرض لَهُم من الحَدِيث ومتعلقاته مرّة بِالْكِتَابَةِ الَّتِي ضَبطهَا بخطوطهم عِنْده وَمرَّة بِاللَّفْظِ وَمرَّة بأرسال السَّائِل لَهُم نَفسه وَبِغير هَذَا مِمَّا يستهجن إِيرَاد مثله مَعَ كَونه أفرد أَسْمَاءَهُم فِي مَحل آخر، وطالما كَانَ)
التقي الشمني يحض أماثل جماعته كالنجمي بن حجي على ملازمته وَيَقُول مَتى يسمح الزَّمَان بقرَاءَته بل حضه على عقد مجْلِس الْإِمْلَاء غير مرّة وَلذَا لما صَارَت مجَالِس الحَدِيث آنسة عامرة منضبطة وَرَأى إقبالهم على هَذَا الشَّأْن وَللَّه الْحَمد امتثل إِشَارَته بالإملاء فأملى بمنزله يَسِيرا ثمَّ تحول لسَعِيد السُّعَدَاء وَغَيرهَا متقيدا بالحوادث والأوقات حَتَّى أكمل تِسْعَة وَخمسين مَجْلِسا.