وَأَنه بَاشر فِي أَوَاخِر مراته بلين)
مفرط وَعجز وخور يَعْنِي بِحَيْثُ أَنه سمع بعض نوابه وَهُوَ رَاكب بَين يَدَيْهِ يَتْلُو حِين رُؤْيَته بعض المؤرخين وَإِذا أَرَادَ الله بِقوم سوءا فَلَا مرد لَهُ فَلم يرد على مُعَاتَبَته وَقَالَ لَهُ وَقد اعتذر النَّائِب لَهُ بِمَا لم يقبله مِنْهُ إِنَّمَا أردْت أَن تبلغ ذَلِك الْجمال الْبِسَاطِيّ، قَالَ البشبيشي كَانَ فصيحا مفوها جميل الصُّورَة حسن الْعشْرَة إِذا كَانَ معزولا فَأَما إِذا ولي فَلَا يعاشر بل يَنْبَغِي أَن لَا يرى. وَقَالَ ابْن الْخَطِيب فِيمَا حَكَاهُ عَنهُ شَيخنَا: رجل فَاضل جم الْفَضَائِل رفيع الْقدر أصيل الْمجد وقور الْمجْلس عالي الهمة قوي الجأش مُتَقَدم فِي فنون عقلية ونقلية مُتَعَدد المزايا شَدِيد الْبَحْث كثير الْحِفْظ صَحِيح التَّصَوُّر بارع الْخط حسن الْعشْرَة مفخر من مفاخر الْمغرب، قَالَ هَذَا كُله فِي تَرْجَمته وَهُوَ فِي حد الكهولة وَمَعَ ذَلِك فَلم يصفه فِيمَا قَالَ شَيخنَا أَيْضا بِعلم وَإِنَّمَا ذكر لَهُ تصانيف فِي الْأَدَب وشيئا من نظمه، قَالَ شَيخنَا وَلم يكن بالماهر فِيهِ وَكَانَ يُبَالغ فِي كِتْمَانه مَعَ أَنه كَانَ جيد النَّقْد للشعر وَسُئِلَ عَنهُ الركراكي فَقَالَ عرى عَن الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة لَهُ معرفَة بالعلوم الْعَقْلِيَّة من غير تقدم فِيهَا وَلَكِن محاضرته إِلَيْهَا الْمُنْتَهى وَهِي أمتع من محاضرة الشَّمْس الغماري. وَقَالَ المقريزي فِي وصف تَارِيخه مقدمته لم يعلم مثالها وَأَنه لعزيز أَن ينَال مُجْتَهد منالها إِذْ هِيَ زبدة المعارف والعلوم ونتيجة الْعُقُول السليمة والفهوم توقف على كنه الْأَشْيَاء وتعرف حَقِيقَة الْحَوَادِث والأنباء وتعبر عَن حَال الْوُجُود وتنبىء عَن أصل كل مَوْجُود بِلَفْظ أبهى من الدّرّ النظيم وألطف من المَاء مر بِهِ النسيم، قَالَ شَيخنَا وَمَا وصفهَا بِهِ فِيمَا يتَعَلَّق بالبلاغة والتلاعب بالْكلَام على الطَّرِيقَة الجاحظية مُسلم فِيهِ وَأما مَا أطراه بِهِ زِيَادَة على ذَلِك فَلَيْسَ الْأَمر كَمَا قَالَ إِلَّا فِي بعض دون بعض غير أَن البلاغة تزين بزخرفها حَتَّى ترى حسنا مَا لَيْسَ بِحسن، قَالَ وَقد كَانَ شَيخنَا الْحَافِظ أَبُو الْحسن يَعْنِي الهيثمي يُبَالغ فِي الغض مِنْهُ فَلَمَّا سَأَلته عَن سَبَب ذَلِك ذكر لي أَنه بلغه أَنه ذكر الْحُسَيْن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا فِي تَارِيخه فَقَالَ قتل بِسيف جده، وَلما نطق شَيخنَا بِهَذِهِ اللَّفْظَة أردفها بلعن ابْن خلدون وسبه وَهُوَ يبكي، قَالَ شَيخنَا فِي رفع الأصر وَلم تُوجد هَذِه الْكَلِمَة فِي التَّارِيخ الْمَوْجُود الْآن وَكَأَنَّهُ كَانَ ذكرهَا فِي النُّسْخَة الَّتِي رَجَعَ عَنْهَا، وَالْعجب أَن صاحبنا المقريزي كَانَ يفرط فِي تَعْظِيم ابْن خلدون لكَونه كَانَ يجْزم بِصِحَّة نسب بني عبيد الَّذين كَانُوا خلفاء بِمصْر وشهروا بالفاطميين إِلَى عَليّ وَيُخَالف غَيره فِي ذَلِك وَيدْفَع مَا نقل عَن الْأَئِمَّة من الطعْن فِي نسبهم وَيَقُول إِنَّمَا كتبُوا ذَلِك الْمحْضر مُرَاعَاة للخليفة العباسي، وَكَانَ صاحبنا ينتمي إِلَى الفاطميين