إِلَى الأندلس ثمَّ رَجَعَ إِلَى تلمسان فَأَقَامَ بهَا أَرْبَعَة أَعْوَام، ثمَّ ارتحل فِي رَجَب سنة ثَمَانِينَ إِلَى تونس)
فَأَقَامَ بهَا من شعبانها إِلَى أَن اسْتَأْذن فِي الْحَج فَأذن لَهُ فاجتاز الْبَحْر إِلَى اسكندرية، ثمَّ قدم الديار المصرية فِي ذِي الْقعدَة سنة أَربع وَثَمَانِينَ فحج ثمَّ عَاد إِلَيْهَا وتلقاه أَهلهَا وأكرموه وَأَكْثرُوا ملازمته والتردد إِلَيْهِ بل تصدر للاقراء بِجَامِع الْأَزْهَر مُدَّة ولازم الطنبغا الجوباني فاعتنى بِهِ إِلَى أَن قَرَّرَهُ الظَّاهِر برقوق فِي تدريس القمحية بِمصْر ثمَّ قَضَاء الْمَالِكِيَّة بالديار المصرية فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة سِتّ وَثَمَانِينَ فتنكر للنَّاس بِحَيْثُ لم يقم لأحد من الْقُضَاة لما دخلُوا للسلام عَلَيْهِ مَعَ اعتذاره لمن عَتبه عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَة، وفتك فِي كثير من أَعْيَان الموقعين وَالشُّهُود وَصَارَ يُعَزّر بالصفع ويسميه الزج فَإِذا غضب على إِنْسَان قَالَ زجوه فيصفع حَتَّى تحمر رقبته، وَيُقَال إِن أهل الْمغرب لما بَلغهُمْ ولَايَته الْقَضَاء تعجبوا ونسبوا إِلَى المصريين إِلَى قلَّة الْمعرفَة بِحَيْثُ قَالَ ابْن عَرَفَة كُنَّا نعد خطة الْقَضَاء أعظم المناصب فَلَمَّا وَليهَا هَذَا عددناها بالضد من ذَلِك، وعزل ثمَّ أُعِيد وتكرر لَهُ ذَلِك حَتَّى مَاتَ قَاضِيا فَجْأَة فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء لأَرْبَع بَقينَ من رَمَضَان سنة ثمن عَن سِتّ وَسبعين سنة وَدون شهر وَدفن بمقابر الصُّوفِيَّة خَارج بَاب النَّصْر عَفا الله عَنهُ، وَدخل مَعَ الْعَسْكَر فِي أَيَّام انْفِصَاله عَن الْقَضَاء لقِتَال تيمور فَقدر اجتماعه بِهِ وخادعه وخلص مِنْهُ بعد أَن أكْرمه وزوده وَكَذَا حج قبل ذَلِك فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَهُوَ أَيْضا مُنْفَصِل عَن الْقَضَاء ولازمه كَثِيرُونَ فِي بعض عزلاته فَحسن خلقه مَعَهم وباسطهم ومازحهم وَتردد هُوَ للأكابر وتواضع مَعَهم وَمَعَ ذَلِك لم يُغير زيه المغربي وَلم يلبس بزِي قُضَاة هَذِه الْبِلَاد لمحبته الْمُخَالفَة فِي كل شَيْء، واستكثر فِي بعض مراته من النواب والعقاد وَالشُّهُود عكس مَا كَانَ مِنْهُ فِي أول ولاياته وَكَانَ ذَلِك أحد مَا شنع عَلَيْهِ بِهِ، وَطلب بعد انْفِصَاله فِي الْمحرم سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة إِلَى الْحَاجِب الْكَبِير فأقامه للخصوم وأساء عَلَيْهِ القَوْل وَادعوا عَلَيْهِ بِأُمُور كَثِيرَة أَكْثَرهَا لَا حَقِيقَة لَهُ وَحصل عَلَيْهِ من الاهانة مَا لَا مزِيد عَلَيْهِ. وَقد ولي مشيخة البيبرسية وقتا وَكَذَا تدريس الْفِقْه بقبة الصَّالح بالبيمارستان إِلَى أَن مَاتَ وتدريس الحَدِيث بالصرغتمشية ثمَّ رغب عَنهُ للزين التفهني. وَقد تَرْجمهُ جمَاعَة فَقَالَ الْجمال البشبيشي أَنه فِي بعض ولاياته تبسط بالسكن على الْبَحْر وَأكْثر من سَماع المطربات ومعاشرة الْأَحْدَاث وَتزَوج امْرَأَة لَهَا أَخ أَمْرَد ينْسب للتخليط فكثرت الشناعة عَلَيْهِ قَالَ وَكَانَ مَعَ ذَلِك أَكثر من الازدراء بِالنَّاسِ حَتَّى أَنه شهد عِنْد الاستادار الْكَبِير بِشَهَادَة فَلم يقبله مَعَ أَنه كَانَ من المتعصبين لَهُ قَالَ وَلم يشْتَهر عَنهُ فِي منصبه إِلَّا الصيانة