ومن ذلك ما حكاه عن ابن عبد الهادي تلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه التنقيح, متابعا لتقي الدين ابن دقيق العيد في كتابه الإمام, عند نقض كلام ابن الجوزي في التحقيق, عند حديثه على عثمان بن محمد, حيث قال: عثمان بن محمد متكلم فيه، فقال ابن الجوزي متعقبا ابن الجوزي: إن هذا الكلام لا يقبل منه؛ لأنه لم يبين من تكلم فيه، وقد روى عنه أبو داود، وأبو بكر بن أبي عاصم وغيرهما، وذكره ابن أبي حاتم في "كتابه"، ولم يذكر فيه جرحا1.

وقد ذكر أبو غدة أن الحافظ ابن حجر قال في "87" موضعا من كتابه: "تعجيل المنفعة برجال الأئمة الأربعة": ذكره البخاري وابن أبي حاتم، ولم يذكر فيه جرحا، قال: قرن بينهما في أكثر هذه المواضع، وأفرد أحدهما في بعضها، ولكنه في جميع تلك المواطن ذكر سكوتهما عن الجرح من باب التوثيق والتعديل، ورد به على من زعم جهالة ذلك الراوي أو ضعفه.

قلت: ونحن لا نوافق أبا غدة على أن عدم ذكر الجرح منهما توثيق للراوي منهما، ومع ذلك فإن النقول السابقة عن أهل العلم وغيرها مما يأتي تدل على أن ذلك مما ينفعه، ويدل على ذلك أيضا أن الحافظ ابن حجر يذكر ذلك في الاستدراك على الحسيني، وأحيانا يرد به على الحسيني إذا وصف الراوي بالجهالة في مثل: سويد بن الحارث عن أبي ذر، وعنه عمرو بن مرة، قال الحسيني: مجهول، لا يعرف.

فقال الحافظ ابن حجر: هذه مبالغة، ثم تكلم على الحديث الذي رواه، ثم قال: قد ذكر البخاري سويدا، ولم يذكر فيه جرحا، وتبعه ابن أبي حاتم.

ومن ذلك أيضا ما ذكره الحافظ في ترجمته سقير العبدي حيث قال: قال الحسيني: مجهول، ولم يصب في ذلك، فقد ذكروه في حرف الصاد المهملة، ولم يذكر البخاري ولا ابن أبي حاتم فيه قدحا، وذكره ابن حبان في الثقات، وقد جاء هذا المسلك عن الحسيني نفسه، وذلك فيما ذكر في الإكمال ص370, في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015