إذا سكتوا على الراوي الذي لم يجرح، ولم يأت بمتن منكر يعد سكوتهم عنه من باب التوثيق والتعديل، ولا يعد من باب التجريح والتجهيل، ويكون حديثه صحيحا أو حسنا أو لا ينزل عن درجة الحسن إذا سلم من المغامز، والله أعلم. ا. هـ1.
وقد رد عليه الأستاذ/ عداب محمود الحمش في بحث سماه: "رواة الحديث الذين سكت عليهم أئمة الجرح والتعديل بين التوثيق والتجهيل"، وقد أجاد فيه وأفاد، إلا أنه قد جعل همه إبطال كل ما استدل به أبو غدة، ولم يستفد من بحثه شيئا، مع أن فيما جمعه نقولا عن أهل العلم تدل على أن ترجمة البخاري للراوي في تاريخه أو ابن أبي حاتم دون ذكر جرح فيها مما ينفعه، فمن ذلك ما ذكره ابن القيم في زاد المعاد "1/ 470-471" حيث قال: روى عكرمة بن إبراهيم الأزدي عن ابن أبي ذباب عن أبيه قال: صلى عثمان بأهل منى أربعا، وقال: يا أيها الناس لما قدمت تأهلت بها، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا تأهل الرجل ببلدة فإنه يصلى بها صلاة المقيم". رواه الإمام أحمد رحمه الله في مسنده، وعبد الله بن الزبير الحميدي في مسنده أيضا، وقد أعله البيهقي بانقطاعه، وتضعيفه عكرمة بن إبراهيم، قال أبو البركات ابن تيمية:
ويمكن المطالبة بسبب الضعف، فإن البخاري ذكره في تاريخه، ولم يطعن فيه، وعادته ذكر الجرح والمجروحين.
قلت: وقد حكاه ابن القيم، وأقره، ولا يرد على ذلك اعتراض عداب بذكره بعض من سكت عنهم البخاري، وتكلم فيهم غيره، لأن المجد رحمه الله لم يقل بالتوثيق، وإنما عارض دعوى التضعيف المطلق.
ومن ذلك ما حكاه المنذري عن ابن خزيمة حيث قال في حديث: إن صح الخبر، فإني لا أعرف خلفا أبا الربيع بعدالة ولا جرح، ولا عمرو بن حمزة القيسي الذي دونه.
فقال المنذري: قد ذكرهما ابن أبي حاتم، ولم يذكر فيهما جرحا.