التصديق بالنتيجة يحصل على المقدمات، أو على جهة ما نقول إن المعقولات الأول تحصل عن الحس. ومن ظن أن الحال في التواتر كالحال في المقدمات التجريبية، وهي التي يحصل اليقين بكلتيها عند التعمد لإحساس جزيئاتها، فمخطئ قطعا. بل التصديق الحاصل عن التواتر من الفعل النفس، وكأن نسبته إليها نسبة ... (?) وبالجملة [فلم يقع خلاف في التواتر يوقع اليقين إلا ممن لا يؤبه به، وهم السفسطائيون. وجاحد ذلك يحتاج إلى عقوبة، لأنه كاذب بلسانه على ما في نفسه. وإنما الخلاف في جهة وقوع اليقين عنه، فقوم رأوه بالذات، وقوم رأوه بالعرض، وقوم رأوه مكتسبا] (?) مثل ما رآه أبو حامد ههنا ومن نحا نحوه من أن اليقين به إنما يحصل بعد مقدمتين: إحداهما أن هؤلاء مع اختلاف أحوالهم لا يجمعهم على الكذب جامع. والثاني أنهم قد اتفقوا على الإخبار عن هذه الواقعة. لكن أبو حامد يسلم أن هاتين المقدمتين لم تشكلا (?) قط في الذهن بالفعل، ولا احتاج الإنسان إلى إحضارهما عند وقوع التصديق بالتواتر.
77 –وإذا وضع هذا، فيما لا شك، هو المشاهد من أمر التواتر، فمن البين أنه ليس لهاتين المقدمتين في إيقاع اليقين غناء ,لأن ما ليس موجودا في النفس بالفعل فليس يكون سببا لوجود ما هو فيها بالقوة حتى تخرجه إلى الفعل. ولولا كون حصول المقدمة الكبرى في الشكل الأول في النفس بالفعل ما كانت سببا لحصول النتيجة عنها التي كانت منطوية فيها بالقوة.