أن يحس مما هو معقول، أو مما شأن مناسبه أن يحس، إلا أنه غير ممكن الوجود، كعنز أيل وغير ذلك مما ليس له وجود خارج النفس، ولا فيما شأنه أن يحس بعد مما هو ممكن الوجود، بل إنما يحصل اليقين به فيما هو محصل الوجود في الزمان الحاضر، أو كان محصل الوجود في الزمان الماضي مما لم نحسه بعد، لأن ما أحسسناه أو كان لنا سبيل (?) إلى إدراكه بقياس يقيني، كحدث العالم، وغير ذلك، فلا غناء للتواتر فيه، لأنه إما أن يتواتر عندنا بحسب ما أحسسنا أو وقفنا عليه بالقياس، فذلك في حقنا فضل، وأما إن تواتر خلافه، فلا يقع لنا به تصديق.
وقولنا: وعند أحوال ما، تحفظ فيما تواتر ولم يقع اليقين به، ولذلك رام قوم لما شعروا بهذا أن يشترطوا في التواتر عددا يلزم عنه بالذات وأولا اليقين، حتى يكون هو السبب في الوقوع عنه، ومقتضيا له على جهة ما تقتضي الأسباب مسبباتها. فلما لم يتحصل لهم حدوده بأنه الذي يحصل عنه اليقين على أنه محصل الوجود في نفسه، وإن كان مجهولا عندنا. والمشاهدة بخلاف ذلك، فإنه يظهر أن العدد الذي يحصل عنه اليقين يزيد وينقص في نازلة نازلة ولو كان ههنا عدد ما بالطبع يحصل عنه اليقين بالذات وأولا لكنا سنحسه ونقف عليه. وبالجملة فإن كثرة المخبرين أحد القرائن التي تفيد التصديق، ولذلك يلزم أن يزيد وينقص بحسب ما تنضاف إليه من القرائن الأخر (?) .
76_ وإذا كان هذا هكذا، فلسنا نقدر أن نقول إن فاعل ذلك