فأي فائدة لاشتراط ما وجوده مثل هذا الوجود في إيقاع التصديق. ولهذا اشتراطنا في حد التواتر من غير أن ندري كيف حصل ولا من أين حصل. وبالجملة فالأخبار والشهادات على الأخبار لا تفيد إلا ظنا، وذلك يتفاوت بحسب تفاوت القرائن، حتى يحصل في بعضها اليقين. ولذلك اختلف الناس في مراتب التصديقات الواقعة عن الأخبار بحسب ما يقترن بها، كمن يجعل خبر الواحد بين يدي الجماعة، إذا أمسكوا عن تكذيبه مع أنهم عدد يمتنع في عرف العادة تواطؤهم على تسويغ الكذب، يتنزل منزلة التواتر إذا كان ما أخبر عنه مدركا لهم بالحس. وكذلك ههنا قرائن تضعف الظن الواقع بالأخبار حتى يكاد في بعض المواضيع يقطع بكذبها؛ كمن أخبر بقتل ملك البلدة في السوق ثم مر أهل السوق ولم يتحدثوا بذلك. ومن هذا الجنس رد أبي حنيفة رحمه الله أخبار الآحاد فيما تعم به البلوى من الأحكام، لأنه يرى أن ينقل نقلا مستفيضا. وكذلك رد مالك لكثير من الأحاديث إذا لم يصحبها العمل.
78 – فهذا ما ينبغي أن يقال في مرتبة التصديق الحاصل عن الأخبار، وفي أي موضع غناؤها، وفي أيها لا.
79- فأما خبر الآحاد بحسب ما حد في هذه الصناعة فهو مما لم ينته أن يفيد اليقين في موضع ما بخبر الواحد بحسب ما يقترن بذلك من قرائن (?) قلنا هذا وإن كان غير ممتنع فهو مما يقل وجوده ولعل ذلك يقع في حق شخص ما ونازلة ما. ولتفاوت هذا الظن الواقع في النفس عند اقتران القرائن بأخبار الآحاد رأى بعضهم أن خبر الواحد قد يفيد اليقين.
80 –ويلحق بخبر الواحد بعد التكلم في حده التكلم في جواز