صيغة الأمر، مع أن به تقوم الحجة عند الاختلاف فيها.
70_ وإنا نرى أن تصحيح الألفاظ في لسان ما عند من لم يكن من أهل ذلك اللسان إنما يحصل بأحد أمرين: إما باستقراء كلامهم، أو النقل عنهم إذا استفاض ذلك فيهم. وعلى هذا لا يصح الاحتجاج بقول الواحد حتى يستفيض قوله. وأما هل يشترط في اللغة التواتر أو تكفي في الآحاد؟ فذلك مختلف فيه. ويشبه أن يكفي في كثير منها نقل الآحاد، وإلا لم يكن سبيل إلى الوقوف على أكثر دلالات الألفاظ لو اشترط في نقل كل واحدة منها التواتر.
71_ المرتبة الرابعة: أن يقول أمرنا بكذا أو نهينا عن كذا. فهذا يتطرق إليه، مع ما سبق من الاحتمالات، احتمال آخر وهو أن الأمر بذلك عساه أن يكون غير النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأئمة والأمراء، وفي معنى هذا قولهم: من السنة كذا، والسنة جارية بكذا.
72_ المرتبة الخامسة: أن يقول الصحابي كانوا يفعلون كذا، فأضاف الفعل إلى عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فهذا أيضا يحتمل أن يكون بلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو الأظهر، فأقره. ويحتمل أن يكون لم يبلغه.
73_ فقد ظهر من هذا ما هو إخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وما ليس بإخبار.
74_ والآن فقد بقي تبيين طريق انتهاء الأخبار إلينا، وذلك إما أن يكون نقل تواتر أو آحاد. ولنقل فيهما وفي مرتبة التصديق الحاصل عنهما، ولنبدأ من ذلك بالتواتر، فنقول:
75_ إن التواتر هو خبر مستفيض يحصل عنه اليقين في أمور ما وعند أحوال ما من غير أن ندري من أين حصل ولا كيف حصل ولا متى حصل. وإنما قلنا: في أمور ما، لأنه ليس يحصل فيما ليس شأنه