وكذلك الأمر في أنصار المعنى، وأنصار النظم "أي اللفظ والمعنى"؛ لأن من رجح اللفظ أو المعنى لا يهمل المرجوح منها ألبتة، ولكنه يكون دون ما رجحه، وكذلك أيضًا اللفظ والمعنى معًا فمن شايعهما لا يهتمون بالنظم وحده بل باللفظ على حدة وبالمعنى كذلك، وإن كان جل عنايتهم بالنظم والتأليف أولى وأعظم وهي محل النبوغ الأدبي، وموطن البراعة في التصوير الشعري.

الصورة الأدبية عند نقاد آخرين:

وممن عرف للصورة الأدبية مكانها من المزية والبلاغة أبو علي أحمد بن الحسن المرزوقي1 وغيره من النقاد، وسبق بحث قضية الصورة الأدبية عند ابن الأثير وقد حفل عبد الرحمن بن خلدون بالصياغة وعد المعاني تابعة للألفاظ، فهي التي تكشف عنها، وتدل عليه يقول:

"إن صناعة الكلام نظمًا ونثرًا إنما هي في الألفاظ، لا في المعاني، وإنما المعاني تبع لها وهي أصل ... وذلك أن قدمنا أن للسان ملكة من الملكات في النطق، يحاول تحصيلها بتكرارها على اللسان حتى تحصل، والذي في اللسان والنطق إنما هو الألفاظ. أما المعاني فهي في الضمائر، وأيضًا فالمعاني موجودة عند كل واحد، وفي طوع كل فكر منها ما يشاء ويرضى، فلا يحتاج إلى صناعة، وتأليف الكلام للعبارة عنها هو المحتاج للصناعة كما قلناه، وهو بمثابة القوالب للمعاني، فكما أن الأواني التي يغترف بها والماء من البحر، منها آنية الذهب والفضة، والصدف والزجاج والخزف والماء واحد في نفسه، وتختلف الجودة في الأواني المملوءة بالماء باختلاف جنسها لا باختلاف الماء، كذلك جودة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015