تقديم، وقدرة فائقة لتحديد معالمها، بذوقه الأدبي وإحساسه الصادق، وثقافته الواسعة، وخبرته بالنقد والأدب، يقول ابن الأثير: "يخيل للسامع أن هذه الألفاظ ليست تلك التي كانت مفردة. ومثال ذلك كمن أخذ لآلئ ليست من ذات القيم الغالية، فألفها وأحسن الوضع في تأليفها فخيل للناظر بحسن تأليفه، وإتقان صنعته، أنها ليست تلك، التي كانت منثورة مبددة، وفي عكس ذلك، من يأخذ لآلئ من ذوات القيم الغالية، فيفسد تأليفها، فإنه يضع من حسنها، وكذلك يجري حكم الألفاظ الغالية مع فساد التأليف"1.

يحيى بن حمزة العلوي:

وصاحب الطراز قد بالغ في اهتمامه بالمعنى أكثر من غيره وظهرت أثر الفلسفة في تناوله للمعنى، ورعايته لها في كتابه، فقد عد المعاني أصلًا والألفاظ تابعة لها وترجع أصالة المعنى عنده، والاعتداد به في الكلام والتصوير إلى أسباب هي في معظمها ترجع إلى الفلسفة وعلوم العقل وإلى علوم اللسان، وعذره في ذلك أنه متأثر في عصره بهذا اللون من الفكر، وكاد أن يفسد الذوق الأدبي ويقضي على روح البلاغة العربية.

فالصورة الأدبية عنده التي تأسر العقل والإحساس بجمالها إنما ترجع إلى المعنى؛ لأنه الأصل، ولو وقعت في لفظ رديء باهت. لذا عد صاحب الطراز من أبرز أنصار المعنى والأسباب التي ترجع المعنى عنده هي2:

أ- أن لكل من الإنسان والأسد والفرس معنى واحد في كل لغة. وإنما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015