أن يجمع على اللوح كل مكونات الدمامة فتأخذها العين دفعة1"، وإن وقع له إعجاب بتصوير القبيح، فإنما يرجع إلى عبقرية الفنان "عن طريق إبداعه الفني لا عن طريق الموضوع القبيح؛ لذلك ينتهي الإعجاب سريعًا. بمجرد التحول عن الصورة المرسومية بينما الشعر يصور القبيح على فقرات وفي بطء، وليس دفعة واحدة، ولذا لا يحس المتلقي بقبح الصورة؛ لأنها جاءت مقطعة الأوصال "التنغيص المستفاد من الصورة يضعف ويفتر في الشعر، حتى لا يكاد يحس، وإذا كان الشاعر يفسد عليك الأمر إذا هو عالج وصف الجمال، فإنه تهون عليك التغثية حين يسرد أوصاف الدمامة بخلاف المصور فإنه يغثي النفس ويكرب الصدر بتصوير الدمامة ويسر بتمثيل الجمال"2.
رابعًا: الشعور
الرسم التصويري مادة تشكيلية جافة مجردة من شعور الرسام وعواطفه، وإن أحيا في النظارة شعورًا أو عاطفة، لكن الشعر الخالد هو الذي يضمنه الشاعر شعوره، ويلهب التصوير بعاطفته الجياشة، فهو مستودع لما تزخر به نفس الشاعر من مشاعر وخواطر وأحاسيس، فالرسام يرسم الصورة والشاعر ينقل إلى القارئ أثر الصورة في نفسه كما يقول ابن الرومي حين ينقل إلينا أثر الصورة في نفسه:
ذات وجه كأنما قيل: كن فر ... دًا بديعًا بلا نظير فكانا
ومتى ما سمعت فشدو ... يطرد الهم عنك والأحزانا
هي حلمي إذا رقدت وهمي ... وسروري ومنيتي يقظانا3