ذاد عن مقلتي لذيذ المنام ... شغلها عنه بالدموع السجام
أي نوع بعد ما حل بالبصـ ... ـرة ما حل من هنات عظام
أي نوع بعد ما انتهك الزنـ ... ـج جهارًا محارم الإسلام1
وكذلك صورة في فضل الصبر وذم الحقد والمتكبر، وغير ذلك من الصور الرائعة التي تنقل الواقع في الحياة، لتحض على الخير، وتنفر من الشر إما بالتصريح أو بالإيحاء الذي هو أقوى عنده من التصريح.
ولما كان المضمون والمعنى ملازمين للصورة والشكل تعذر الفصل بينهما أثناء تحليل العمل الفني ونقده، وشق على الناقد في نقده التفريق بينهما كل على انفراد، حتى يمكن التعرف على المضمون كوحدة مستقلة، وعلى الصورة كذلك.
والصورة بهذه الصلة التي لا تكاد تنفك عن المضمون فيها خصائص شكلية مستقلة كانسجام الكلمة وإيقاعها، وموسيقاها داخلية كانت أو خارجية، وعناصرها من حركة وشكل وهيئة ولون وظلال وأضواء، وغير ذلك مما سيأتي تفصيله، ومما يرجع إلى الناحية الشكلية في الظاهر، لكن الحقيقة أن الصورة بعناصرها وأصواتها وتركيبها لم تأت عبثًا، وإنما جاءت لتجلي المضمون، وتتآخى في جميعها، لتكشف عن الغرض، فكل كلمة كالوتر تشارك مع غيرها في تكوين المعزوفة الموسيقية، وكل لفظ له لون خاص، يشترك مع غيره في إتقان الرسم وإحكام الرقعة الفنية الرائعة.
وكما قلنا: إن اختلاف الكلمة في موقعها من الصورة يؤثر فيها، ويمنحها مضمونًا آخر يختلف مع السابق في صورة أخرى، وهذا يدل على قوة التلاحم بين اللفظ ومعناه، وامتزاجهما معًا في بوتقة واحدة، من أجل الفكرة المطلوبة والغرض المنشود.